ماذا يتعين على بايدن أن يفعل بشأن التجارة؟
كان بايدن واضحا بشأن أهداف سياسته في ما يتعلق بالصين، التي يعتبرها المنافس الأكثر خطورة لأميركا، وفي ديسمبر، وجه بايدن الدعوة إلى أكثر من 100 قائد عالمي للمشاركة في قمة الديموقراطية الافتراضية لمناقشة التحديات التي تفرضها الدول الاستبدادية، فلماذا لا تسارع إدارته إلى الانضمام إلى الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ؟
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
أبرمت اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ الأصلية في عام 2016 بمشاركة 12 دولة مطلة على المحيط الهادئ، بما في ذلك الولايات المتحدة أثناء رئاسة باراك أوروبا، لكنها استبعدت الصين بشكل خاص، فكانت الاتفاقية متصورة على أنها تحالف اقتصادي إقليمي يهدف إلى تعزيز التجارة الحرة الشاملة والاستثمار، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتنظيم التجارة الرقمية، ومنع الموقعين من اكتساب ميزة تنافسية غير عادلة من خلال تصرفات الشركات المملوكة للدولة. كانت الاتفاقية محاولة مكشوفة إلى حد كبير من قِـبَـل الاقتصادات الكبرى في منطقة المحيط الهادئ، باستثناء كوريا الجنوبية، للمنافسة بشكل أكثر فعالية ضد الصين، وقد أصبحت الاتفاقية التي خلفتها (الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ) مؤثرة على نحو متزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، على الرغم من رفض أميركا الانضمام إليها حتى الآن.ليس من الصعب أن نعرف السبب، والواقع أن العديد من البلدان التي تعتمد على السوق الصينية كانت مضطرة لفترة طويلة إلى قبول الشريط التي تفرضها الصين في ما يتصل بالتجارة والاستثمار، على سبيل المثال، تشترط السلطات الصينية غالبا على الشركات الأجنبية التي تقوم باستثمارات مباشرة في الصين إقامة مشاريع مشتركة مع شركاء محليين، بدلا من إنشاء شركات تابعة مملوكة لها بالكامل، وأصبح نمو الصادرات الصينية السريع في حكم الممكن بفضل تمويل البنوك المملوكة للدولة لشركات مملوكة للدولة، الأمر الذي دفع دولاً أخرى إلى الشكوى من إعانات الدعم المفرطة، وكان من المفترض أن تعمل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ على توسيع التجارة الحرة العادلة والاستثمار القائم على القواعد بين أعضائها، لكنها أيضا كانت تسعى إلى وضع قواعد المشاركة على النحو الذي يمنع الصين من الحصول على ميزة غير عادلة من شركائها التجاريين.بعد القرار الذي اتخذه ترامب بسحب الولايات المتحدة من الشراكة عبر المحيط الهادئ في يناير 2017، حمل رئيس وزراء اليابان آنذاك شينزو آبي لواء المبادرة في صياغة الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ، أو اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ 2، بين الأعضاء المتبقين في الاتفاقية، وجرى تأجيل بعض الفقرات التي مارست الولايات المتحدة الضغوط لفرضها خلال مفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادئ الأصلية، ولكن من الممكن إعادة تقديمها إذا قررت أميركا الانضمام إلى الاتفاقية. تعمل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ 2 على نحو طيب، لكنها تفتقد وجود أميركا.علاوة على ذلك، وفي حين كانت الولايات المتحدة تهدر السنوات الخمس الأخيرة بالابتعاد عن إطار التجارة والاستثمار الناشئ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حدث تطوران آخران على قدر كبير من الأهمية، فأولا، وقعت الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، ونيوزيلندا، والدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية. (انسحبت الهند من الاتفاقية في المرحلة الأخيرة من المفاوضات). تتداول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية، التي دخلت حيز التنفيذ في الأول من يناير، نحو 2.5 تريليون دولار بين أعضائها، أو نحو 13% من التجارة العالمية في السلع، وتمثل الدول الخمس عشرة الموقعة عليها نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إنها أول اتفاقية تجارة حرة بين اليابان والصين، ومن المتوقع أن تعمل على تعميق العلاقات التجارية الثنائية بينهما، ولكن من أجل استيعاب اقتصادات منظمة آسيان الناشئة، سيظل متوسط التعريفات بموجب اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية أعلى مما هو عليه في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ 2، وستكون تغطية الاستثمارات أضيق.يتمثل التطور الثاني في تقدم الصين وتايوان بشكل منفصل بطلب الالتحاق بعضوية الشراكة عبر المحيط الهادئ 2 في سبتمبر 2021، مما يفرض تحديات ضخمة على الحكومة اليابانية، فبادئ ذي بدء، هل يمكن لأعضاء اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ 2 التفاوض مع الصين للإبقاء على شروط الدخول في الاتفاقية التي تتسم بالتشدد، أو هل تنتهي بهم الحال إلى الانقسام حول مدى تشدد الخط الواجب اتخاذه؟ علاوة على ذلك، في حين قد تتخذ الصين موقفا متشددا ضد انضمام تايوان إلى الاتفاقية، فإن البلدان المشاركة في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ 2 ربما تشعر أن الترحيب بتايوان- الدولة الرائدة على مستوى العالم في تصنيع أشباه الموصلات المتطورة- من شأنه أن يوفر فوائد إضافية في مجال الأمن الاقتصادي، وقد يستفز هذا ردود فعل قاسية من جانب الصين.نظرا لحالة عدم اليقين بشأن استعداد اليابان لممارسة اللعب الخشن مع الصين وتايوان على المستويين السياسي والاقتصادي بشأن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ 2، فإن القيادة الأميركية القوية مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، وانضمام أميركا السريع إلى الاتفاقية من شأنه أن يعمل على تعزيز التجارة الأميركية مع اقتصادات منطقة آسيا والمحيط الهادئ المهمة ودعم جهودها في التنافس مع الصين، وينبغي لبايدن أن يجعل هذا أولوية ملحة.* وكيل وزارة المالية الأسبق في اليابان، وهو أستاذ في كلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا، وكبير أساتذة المعهد الوطني للدراسات العليا السياسية في طوكيو.
● تاكاتوشي إيتو - بروجيكت سنديكيت
البلدان المشاركة في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ تشعر أن الترحيب بتايوان سيوفر فوائد إضافية في مجال الأمن الاقتصادي