رهان خاسر
لا يوجد في استجواب حمدان العازمي لوزير الدفاع غير المحور الأول بمنع المرأة من العمل في السلك العسكري، وتلك قناعة تصور ونهج هيمنة جماعات المحافظة المتحجرة وفرضها قيمها على مجتمع لا ينقصه المزيد من الأسباب للجمود والتخلف. ولم يكن وزير الدفاع بحاجة إلى مباركة الفتوى الدينية من وزارة الأوقاف كي تعطي الضوء الأخضر لقراره التقدمي بمساواة المرأة بالرجل في الجيش، فهذا أمر يدخل في صميم عمل وزارته، فما شأن وزارة الشؤون الدينية بها ما لم تكن السلطة الحاكمة تؤمن بأنها دولة دينية تعمل وفق قواعد الشرع كما يفهمه فقهاء الجمود لا دولة مدنية يفترض أن يحكمها الدستور والقوانين الوضعية؟!يتخيل البعض أن محاور الاستجواب الأخرى مثل عدم الرد على ملاحظات ديوان المحاسبة بالنسبة لـ "اليوروفايتر" وإنهاء عمل "البدون" من السلك العسكري - إن صحت هذه الاتهامات- هي لب الاستجواب، وليس المحور الأول لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي أنهت الدولة السعودية سلطانها هناك كي تنتعش هنا في الكويت، مثل هذا التصور قاصر، فديوان المحاسبة لم يأتِ بجديد عن فضيحة صفقة "اليوروفايتر" التي تمت في عهد الوزير الجراح وبرعاية رئيس الوزراء الأسبق، وليس هناك من واجب على الوزير غير التوضيح بالرد على الملاحظات المحددة التي ذكرها الديوان، وصحة خبر إنهاء عمل البدون بالجيش من عدمه.
خلاصة الأمر أن ننتبه بوعينا ولا نهلل لقوى الرجعية التي لن تكون أقل استبداداً من جماعة الحكم، بل تزيد عليها حين تخنق ما تبقى من الحريات الاجتماعية وتعمل بجد لخلق وضع مطابق لحال المرأة بأفغانستان، لمجرد أن هذا أو ذاك النائب لهما مواقف معارضة ضد السلطة، فهم والسلطة وجهان لعملة واحدة في المراهنة على الجمود الاجتماعي والثقافي ورفض التحديث وحكم العقلانية والنهاية الاقتصادية السوداء لدولة "يارب لا تغير علينا".