تعاني الكويت إهمال ملف النفايات إلى حد تتحول فيه المخلفات من ثروة وطنية هائلة إلى عبء بيئي وحضاري واقتصادي، ومصدر للتلوث البيئي وخطر على الصحة العامة، نتيجة فشل الإدارة في التعاطي مع هذا الملف، وعدم وجود خطط مستقبلية لإعادة التدوير.وفي الاتجاه المعاكس للدول المتقدمة، التي تستغل تدوير النفايات في تعزيز الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل القومي والمساهمة في خلق فرص للعمل وتوفير مصادر للطاقة النظيفة، تسير الكويت في التعامل مع النفايات من خلال الردم وما تخلفه تلك العملية من ضرر شديد على البيئة وصحة الإنسان والمياه الجوفية.
في السياق، صرح مدير برنامج التلوث البيئي والمناخ والباحث بمعهد الكويت للأبحاث العلمية د. حسن الشمري لـ«الجريدة» بأن المخلفات في الكويت تواجه سوء إدارة، مما انعكس على تراكم النفايات بالأماكن المأهولة بالسكان وغير المأهولة أيضاً، كما أثرت على الصحة العامة، وعلى الوضع البيئي للدولة على مستوى البر أو البحر أو حتى الهواء.وأوضح الشمري، أن التعامل مع النفايات بطريق الردم حتى ترتفع عن سطح الأرض ولربما تكون مثل الجبل، يجعلها مصدراً للغازات والروائح الكريهة وانبعاثات تشكل خطراً على الصحة العامة.وأكد أن ملف النفايات في الكويت يحتاج إلى إعادة نظر وإدارة محكمة من الجهات المختصة للوقاية من الآثار السلبية لتراكمها، ولربما واجهنا في الكويت العديد من المواقف التي نلاحظها جميعا، منها إلقاء النفايات في البر على سبيل المثال، كما أن هناك الكثير من إلقاء المخلفات في البحر يؤثر على الحياة الطبيعية للكائنات في البيئة الكويتية.وأضاف أن تلوث البحر على سبيل المثال يؤثر سلباً على الأحياء البحرية والبرية أيضاً التي تتغذى على الكائنات البحرية، كما أن المخلفات الطبية تحتاج إلى طريقة تعامل آمنة من عزل النفايات ودفن غير الصالح منها للتدوير، مشيراً إلى أن المخلفات تتحول إلى مصدر هائل للتلوث والحشرات وربما القوارض والحيوانات التي تتغذى عليها بشكل غير حضاري وغير آمن أو صحي.
التشريعات البيئية
وحول التشريعات البيئية بالكويت، قال الشمري: «انتبه المشرع الكويتي لأهمية هذا الملف وتم وضع تشريعات قبل عدة سنوات، لكن الأزمة في سوء الإدارة لا في التشريع، فالقوانين موجودة لكن التطبيق مفقود، وانعكس ذلك على إدارة النفايات في الكويت بطريقة خاطئة».واستطرد الشمري أن «ما يفاقم أزمة النفايات، هو أن الكويت متأخرة جداً في ملف تدوير النفايات ومعالجتها، وهو ملف مهم وصناعة ضخمة في العديد من بلدان العالم المتحضرة والنامية أحياناً، حيث التفت الجميع إلى ثروة النفايات واستغلالها بالشكل الأمثل».ولفت إلى أن ثروة النفايات قد تساعدنا في تحويلها إلى أسمدة عضوية، والكويت بحاجة للأسمدة، لأنها دولة جافة، وتحتاج إلى إعادة تأهيل التربة، إلى جانب إعادة تصنيع المخلفات القابلة للتدوير كأنواع معينة من البلاستيك والمعادن وغيرها، أو حرقها وتحويلها إلى طاقة ويساهم في ذلك إقرار عملية فرز المخلفات سواء بالمنازل أو المؤسسات أو المطاعم، وهو النظام المعمول به في الكثير من دول العالم الآن، وهنا تحتاج الكويت إلى تشريع يجبر الأشخاص أو المؤسسات لفرز مخلفاتهم بالطريقة الصحية الآمنة.ملف خطير
من ناحيته، قال الباحث ماجد الوادي عضو برنامج التلوث البيئي والمناخ إن ملف النفايات في الكويت خطير ويحتاج إلى تعامل شجاع من المسؤولين، لأنه يتضمن العديد من المخاطر التي تهدد الصحة العامة.وأضاف أن المرادم الثلاثة في الكويت التي تقوم البلدية بإلقاء المخلفات فيها، هي غير صحية، وأكبرها في الدائري السابع، وأسست بشكل خاطئ وغير علمي أو مدروس، لذلك فإنها تهدد التربة الكويتية والمياه الجوفية أيضاً، حيث تحتاج إلى تعامل خاص على أسس علمية لاحتواء أضرار المخلفات وعدم تحويلها إلى مصدر هائل للتلوث والتسمم للبيئة والهواء عن طريق الغازات المنبعثة.وأكد أن المرادم تضر التربة المجاورة لها، كما أن تسربات السموم تصل إلى المياة الجوفية، في وقت تنتشر الغازات السامة بالهواء مدمرة الغلاف الجوي إلى حد كبير، فضلاً عن ذلك فإن تحلل المخلفات في التربة يسممها ويجعلها غير صالحة للاستخدام، علماً أن الأرض الكويتية تعتبر مرتفعة الثمن وذات قيمة عالية لكننا بدلاً من استثمارها بالشكل الصحيح نسممها ونجعلها غير صالحة.