سلامة مطار بيروت... ضغوط دولية أم تشويش عابر؟
منذ أيام، برزت الأوضاع في مطار بيروت إلى الواجهة. هذه المرّة ليست من بوابة سوء الخدمات التي يعانيها المطار بفعل الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمرّ بها لبنان، إنما من باب أوسع وأعرض، وهو الخوف على سلامة الطيران، إذ إن معلومات متعددة تحدثت عن تعرّض طائرات لإطلاق نار عن طريق الخطأ. وكان آخرها تضرر طائرة يونانية دفعت بشركة طيران يونانية إلى وقف رحلاتها إلى لبنان لشهرين بانتظار معرفة حقيقة ملابسات الحادث وصدور نتائج التحقيق.هذا الكلام من شأنه أن يعيد إلى الأذهان جملة من الشروط الدولية التي فرضت سابقاً على الدولة اللبنانية، في إطار ضرورة ضبط المطار، ومراقبته بشكل مكثف، إضافة إلى مراقبة المعابر الحدودية، وضبط حركتها، ومراقبة المرافق العامة كلها. كانت مثل هذه الشروط الدولية مطروحة على لبنان قبل تفجير مرفأ بيروت، وزادت بعد حصول التفجير، خصوصاً أن الجو الدولي الضاغط على لبنان كان يعتبر أن الدولة اللبنانية غير قادرة على ضبط معابرها ومرافقها العامة، وخصوصاً المرفأ والمطار.
وهناك اتهامات عديدة وجّهت إلى حزب الله بأنه يسيطر على المرفأ وعلى المطار وعلى حركة الدخول والخروج فيهما، كما وجهت اتهامات للحزب بأنه قادر على تهريب أشخاص أو مواد وبضائع بشكل مريح جداً من خلال هذين المرفقين الأساسيين.كذلك طرحت في السابق نقطتان، الأولى إقامة نقطة ثابتة لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) في المطار، لمراقبة حُسن الأداء اللبناني، وكذلك في المرفأ، وطرحت هذه الفكرة إلى جانب فكرة توسيع نشاط وصلاحيات «اليونيفيل»، لكن حزب الله رفض ذلك بشدة، وبالتالي فإن الدولة اللبنانية رفضت أيضاً، ولم يمرّ هذا الاقتراح. فيما جاءت النقطة الثانية بعد رفض تطبيق الأولى، وانطوت على تحذير من المنظمة العالمية لسلامة الطيران بضرورة اتخاذ الدولة اللبنانية إجراءات إصلاحية سريعة في مطار رفيق الحريري الدولي كي لا تصدر تقارير تؤكد أن سلامة الطيران غير مؤمّنة في لبنان، وهذا سيدفع بشركات طيران كبيرة أن تمتنع عن الاستمرار في تسيير رحلاتها.ومنذ أشهر عملت الأجهزة الأمنية المختصة، إضافة إلى وزارتَي الداخلية والأشغال والنقل على تنفيذ خطط متعددة لتحسين ظروف السلامة العامة للطيران في المطار، وفق ما تقول مصادر رسمية لبنانية، وتؤكد تلك المصادر أن هذه الإجراءات تمت بالتنسيق مع شركات وجهات دولية متخصصة في هذا المجال، وجميع هذه الجهات المعنية أبدت موافقتها على هذا المسار.لم تمرّ الأخبار التي جرى تسريبها أخيرا حول تعرُّض طائرتين لإطلاق نار، مرور الكرام بالنسبة إلى الأجهزة اللبنانية المعنيّة، فقد عقد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي اجتماعاً صباح أمس مع الأجهزة الأمنية العاملة في المطار، وذلك للرد على كل ما جرى تسريبه، وقال مولوي بعد الاجتماع: «علينا التوضيح بشأن كل شيء يتعلّق بصورة لبنان وأمن المطار ومسافريه». وأضاف: «قيل إن هناك عملا استهدف طائرة قطرية في 8 يناير، وما حصل هو مرور عجلة الطائرة على مقذوف كان على أرض المدرج، ولم يكن هناك أي إطلاق نار».وعمّا حصل مع الطائرة اليونانية، قال مولوي «هو وجود ثقب تحت غرفة القيادة، وهو ناجم عن اصطدام الطائرة بجسمٍ طائر وليس نتيجة إطلاق نار أو عمل إرهابي، وذلك وفقاً لتقريرين أجنبيين أيضاً، وما حدث مع الطائرة اليونانية لم يحصل في مطار بيروت، بل إبّان تجهيز الطائرة قُبيل إقلاعها الى لبنان». وأكّد أنه «لم يتبين أي عمل أمني أو إطلاق نار، وعلينا مسؤولية المحافظة على سمعة مطار رفيق الحريري الدولي، وأدعو الإعلام لمساعدة الضباط وانتظار التحقيقات والتقارير».من جهته، لفت رئيس مطار بيروت، فادي الحسن، إلى أنه «قبل الحادثة التي حصلت مع الطائرة اليونانية أبلغنا المعنيون بالطيران اليوناني أنهم سيقومون بإلغاء عدد كبير من رحلات يناير وفبراير لأسباب تجارية، نتيجة تدنّي عدد الركاب على متن رحلاتهم خلال تلك الفترة». وقال: «تلقينا اليوم البريد الرسمي من أميركا، ويتضمن تحليلاً لكل ما حصل مع الطائرة اليونانية». وأضاف: «ويؤكد التحليل أن ما حصل مستحيل أن يكون ناتجاً عن رصاصة، بل عن الاصطدام بمعدات كبيرة».