استجواب الكوميديا السوداء
لم يكن استجواب وزير الدفاع أمس الأول غير مشهد بالغ الرداءة لكوميديا سوداء من إنتاج وإخراج نواب أرادوا الانتقام من رئيس الحكومة، وتصوروا بعمى سياسي أن التضحية ستكون بوزير ليس له ذنب غير المشاركة في وزارة الشيخ صباح الخالد. قد يكون هذا خطأ منه، مثلما أخطأ يقيناً بعدها حين رهن قراره السيادي التقدمي بمشاركة المرأة في الجيش بمباركة أو "فيتو" مشايخ الدولة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.لم يشفع للوزير المستجوَب ردوده المحددة الثابتة على محاور الاستجواب الانتقامي، مثلما لم يشفع له قبلها اللجوء للمباركات الشرعية، على نحو ما فعلت وما زالت تفعل تشكيلات حكومية متعاقبة مترددة أضاعت مشيتها، وسايرت ذلك الرياء السياسي، فأضاعت البلد على حساب الشرعية القانونية والدستورية وازدهار اقتصادي مأمول، بعد أن وضعت الدولة بين قوسَي "الحرام والحلال" كما يقرره ويمليه فقهاء السياسة الدينية.النواب الذين صوتوا بالموافقة على طرح الثقة بالوزير لم يكونوا دعاة عدل، فالاستجواب كان يعني محاكمة قانونية لأخطاء وتجاوزات من الوزير المستجوب من قبل ممثلي الشعب، كان يفترض أن يكون محاكمة عادلة يسود فيها حكم العقل ومبادئ الإنصاف والعدل، لم يحدث ذلك، وخضع طلاب الاستجواب لمشاعر انتقامية وتصفية حسابات مع رئيس الوزراء ونسوا – رغم جلبابهم الديني المسيس - أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، وظلموا أنفسهم قبل أن يظلموا وزير الدفاع المستجوب، فأي عدل هذا حين طفح علينا بأسنة من مجارير السياسة الكويتية؟!
لا ثقة بكم، ولا بحصافتكم يا نواب طرح الثقة بعد اليوم، ولو هلل وصفق لكم أغلبية مجتمع هذا البلد ببؤس وعيه وجدب ثقافته، فقد سايرتم العاطفة، وركلتم حكم القانون والعدل جانباً، من أجل إيصال رسالة رديئة لمن لا يكترث لرسائلكم.