شخصية عبيد الوسمي (مع حفظ اللقب) مثيرة للجدل بشدة في هذه الأيام وقبل هذه الأيام أيضاً، هل انقلب الرجل على عقبيه أم أننا لم نكن نفهم حدود (عقبيه) منذ البداية، إذ تسبب التباين في مواقفه وآرائه (كما بدا لنا) والذي ميز مرحلتي ما قبل العضوية وما بعدها في تردد بعض المتحمسين له، وبتوجيه النقد له من أشخاص كانوا من المدافعين عنه، فرغم أن عبيد على الصعيد الشخصي محبوب وحلو المعشر، فإنه في الجانب العام ذو إمكانات وسمات وخطوات مثيرة للجدل أينما حل أو ارتحل، ولذلك فإن بعض أصدقائه من السياسيين قبل أن يكون نائباً إما تخلى عنهم أو تخلوا عنه أو نفذ الطرفان نظرية (سيب وأنا أسيب).ولعل المتابع لعبيد منذ بداية صعود نجمه في المجلس المبطل الأول إلى هذا المجلس يلاحظ أنه يملك صفات ربما كانت السبب في شهرته وتميزه عن معظم أهل السياسة، فهو خطيب مفوه وجريء بشدة، ويجيد تشخيص الأخطاء وتوجيه الأنظار إلى الزوايا التي يحددها، وتغيير دفة الحوار الى الموضوع الذي يريده، ويبدو لي أن تراجع استخدامه لهذه الصفات في هذه الأيام أحد أسباب تراجع شعبيته الحالية.
ورغم أن الصفات السابقة جعلت من عبيد السياسي الجاهز للتوهج متى ما أراد، فإن بعض عيوبه ربما تسببت أو قد تتسبب في تراجع هذا التوهج أيضاً، فهو يبالغ في الثقة بالذات إلى الدرجة التي قد تفقده حاسة الحذر والتحفز والجاهزية المناسبة التي يجب أن يتحلى بها السياسي الناجح، وهو شديد البراغماتية بصورة تفقده العلاقات والالتزام والارتباط والقدرة على التنبؤ ووضوح المسارات، وهو يميل إلى الفردية ولا يجيد العمل الجماعي مما يجعله يدفع ثمن الأخطاء لوحده مثلما يحصل على المكاسب لوحده، ومما يجعل شراكاته السياسية سريعة الانفضاض.ورغم أنه خسر جزءاً من شعبيته التي كانت جارفة في الانتخابات التكميلية، فإنه ما زال يتمتع بمواهب تجعله قادراً على تعويض خسائره بالشكل الذي يبدو وكأنه لم يخسر شيئاً، فخليط الطموح والذكاء واستغلال الفرص يجعله قادراً على إعادة تسويق ذاته باستمرار، وقادراً على أن يحمي نفسه من الوقوع في (شبك الصيد) باستمرار، ولذلك فإن إمكانية استغلال عبيد من أي طرف تكاد تكون منعدمة، وإنما يمكن الاستفادة من الفرص التي يوفرها عبيد للآخرين من خلال المشاركة في قضية آنية يتم توزيع المكاسب فيها بطريقة ما، ثم يليها (فك ارتباط)، ومع ذلك فإني أعتقد أن الاقتراب من عبيد بشدة يشكل خطراً على المقترب منه مثلما مخاصمته بشدة تشكل خطراً على الخصم.نحن اليوم في أول الرحلة وما زالت الأيام حبلى، وما زال الدكتور عبيد الوسمي يحمل الكثير من المفاجآت لمن لا يقرأ شخصيته السياسية بطريقة موضوعية بعيدة عن العواطف (ضد أو مع)، وقد علمتني قراءة سير السياسيين المعاصرين أن الجسارة واستغلال الفرص والقدرة على تسويق الذات في بعض اللحظات والظروف تصعد ببعض السياسيين الطموحين إلى مواقع غير متوقعة، وأن سوء تقدير الخصوم والنرجسية والإفراط بالثقة والمواجهات المستمرة مقبرة السياسي الطموح، على أن من أبجديات السياسة التعامل الحذر مع الجميع على أساس أنهم أذكياء، لأن بعض السياسيين مهما بلغ منافسهم من الدهاء يمكنهم أن "يدخلوه البحر ويخرجوه ناشفاً".
مقالات - اضافات
وجهة نظر: عبيد الوسمي... كيف يفكر؟
21-01-2022