التسويات السياسية الأخيرة قد تحقق أهداف الحكومة
من المحتمل أن تمرر قانون الدين العام أو السحب من الأجيال
ذكر «الشال» أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه يعني حتمية استمرار تدهور تصنيف الكويت الائتماني، والخلاف هو حول التوقيت لا النتيجة، ومع مرور الوقت، سوف تتآكل القدرة على إيجاد حلول ناجعة لعلاج أوضاعها المالية، ما يعني انتقالها إلى وضع اقتصادي مهدد لاستقرارها.
أفاد تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي بأنه تم مراراً وتكراراً ذكر أن تقارير التصنيف الائتماني هي تقارير مالية، ومن الطيب أن يحصل فيها أي بلد على تصنيف مرتفع، والعكس صحيح، لكنها تقارير تحذير وجمهورها مختلف، واهتمامها مالي وقصير الأمد، أما الاقتصاد ضمنها، ولدولنا النفطية تحديداً، فهو مجرد برواز.لذلك وفق التقرير، لابد من قراءة صحيحة لمحتوى التقرير، تعطيه ما يستحق من اهتمام، لكن، اعتبار العمل على تحسين التصنيف وفقاً لمؤشرات مالية لا وفقاً لمعايير الاستدامة الاقتصادية، أمر خاطئ، فالضرر المحتمل على الاقتصاد، إن أخطأنا القراءة والإجراء، لا يمكن جبره، فقانون الدين العام أو السحب المنظم من احتياطي الأجيال القادمة من دون إصلاح جوهري للسياسات المالية والاقتصادية، تصرف جائر بحق البلد، والمثال القاطع، هو ما حدث للاحتياطي العام، وللأموال التي تم اقتراضها من السوق العالمي أو استبدال الأصول بين الاحتياطيين أو وقف الاقتطاع لمصلحة الأجيال القادمة، كلها حدثت ما بعد خريف عام 2014 وحتى وقتنا الحاضر، كلها أموال ضاعت هدراً.تقرير وكالة التصنيف الائتماني (ستاندرد آند بورز) يثبت تصنيف الكويت السيادي عند (+A)، أي تثبيت لتصنيف يوليو الفائت 2021 مع استمرار النظرة السلبية على المستقبل، والتصنيف السيادي خاضع للمراجعة على المدى القصير، أي ما بين 12 – 24 شهراً، وقد يخفض ما لم تنجح الكويت في إيجاد حل لعجزها عن تمويل الموازنة العامة، والتصنيف قد يعدل النظرة المستقبلية إلى مستقرة، إن نجحت الحكومة في تمرير قانون الدين العام أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة، ويضيف تقرير الوكالة ما معناه ضرورة تبني سياسة مالية منضبطة.
والفزاعة التي استخدمتها الوكالة هي تقديراتها بلوغ معدل عجز الموازنة للسنوات حتى عام 2025 نحو 12 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وتقدر أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي رقماً نحو 140 مليار دولار في عام 2024، أي إن متوسط رقم العجز المالي السنوي سوف يبلغ نحو 17 مليار دولار، أو نحو 84 ملياراً للعجز المتراكم خلال تلك السنوات، وهو في تقديرها ربما الأعلى في العالم للدول المصنفة من قبلها. والمعالجة بقرار أو بقانون، هدف من المحتمل أن تحققه الحكومة بعد التسويات السياسية الأخيرة، وقد ينجح تمرير القانونين بتحسين التصنيف لأنه يحقق مصلحة وهدف جمهور تقرير الوكالة، لكن ثمنه باهظ على مستقبل الاقتصاد المحلي، وقد يتطلب قرارات حكومية غير مشروعة لمصلحة بعض النواب، ورغم انتقاد الوكالة الشديد لعجز الحكومات المتعاقبة وتخلف إجراءات الإصلاح لديها، أبقت الوكالة على تصنيف يوليو ثابت لمبررات لها علاقة بمتغيرين استثنائيين خارج قدرة الإدارة العامة المحلية على التأثير فيها، وهما ارتفاع أسعار وإنتاج النفط، وحجم احتياطي الأجيال القادمة بعد مكاسبه الأخيرة.ما تقدم يعني أن الكويت أمام ثلاث خلاصات، الأولى هي أنها عرضة للتأثر بعوامل هي خارج عن قدرتها على التحكم بها، وسوف تتأثر إيجاباً أو سلباً إن تحسنت أو تراجعت، فإن تحسنت أوضاع سوق النفط وحجم صندوقها السيادي، سوف تستغلها إدارتها في تعميق اختلالات الاقتصاد، بشراء مزيد من الوقت بسياسات مالية واقتصادية بائسة، وإن تراجعت، ظهرت على السطح كل تبعات ومخاطر تلك الاختلالات.الخلاصة الثانية هي أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه تعني حتمية استمرار تدهور تصنيفها الائتماني، والخلاف هو حول التوقيت لا النتيجة، ومع مرور الوقت، سوف تتآكل القدرة على إيجاد حلول ناجعة لعلاج أوضاعها المالية، ما يعني انتقالها إلى وضع اقتصادي مهدداً لاستقرارها.الخلاصة الثالثة، هي أخذ خيارها الصحيح والصعب وإن جاء متأخراً لنقل تأثير عوامل خارجة عن قدرتها على التأثير فيها، إلى انتقال تدريجي لأخذ لزمام المبادرة في تنمية قدرتها على التأثير في مسارات سياساتها، وذلك لن يتحقق ما لم تكن مؤسسات سلطة اتخاذ القرار في الدولة، أو مجلس الوزراء على أقل تقدير، تتبنى مشروع إنقاذ موحد.