النجاح في إدارة الأزمات والكوارث في أي دولة يتطلب إنشاء مركز وطني يقوم بوضع الإجراءات التشغيلية الموحدة للجهات الحكومية والأهلية المعنية كوزارات الصحة والداخلية والدفاع والنفط، والحرس الوطني، والدفاع المدني، والهلال الأحمر وغيرها من الأجهزة والمؤسسات والجمعيات المهنية. فالمركز الوطني يقوم بتوحيد الصورة العامة للحدث أمام صاحب القرار والقيادات الحكومية المختلفة التي من مهامها إدارة الأزمة أو الكارثة، ووضع خطط للطوارئ ورفعها لمتخذي القرار للمساندة والدعم في تنفيذها في حال وجود معوقات، من أجل السرعة في اتخاذ القرارات، حيث يوجد جميع الأعضاء الرئيسيين، أو القادة التنفيذيين داخل مقر المركز، فيتخذون القرار بشكل فوري وحاسم، والمركز الوطني يوفر أيضاً معلومات صحيحة ودقيقة وآنية لوسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمرئية والمسموعة، وعادةً يحتوي مقر المركز على غرفة القيادة الرئيسة، وغرفة عمليات مجهزة بأحدث التقنيات والأنظمة المتطورة لتأمين البث المباشر للحدث، وتحليل بياناته، وتصنيف درجة مخاطره، وتوحيد الصورة العامة للحدث وتقديمه بشكله النهائي لمتخذي القرار لتفعيل البروتوكولات والخطوات المتفق عليها لاحتواء الحدث أو الأزمة أو الكارثة حسب تصنيفاته وسيناريوهاته المحددة، ودرجة مخاطر كل تصنيف وسيناريو. كما يقوم المركز بمهمة قناة التواصل الرسمية مع مختلف الوزارات وأجهزة الدولة، وكذلك يتواصل مع الجهات الخارجية ذات العلاقة لاستلام أو إرسال البلاغات والتعليمات إضافة إلى تبادل المعلومات والخبرات، ومن مهام المركز تقديم نتائج تحليلية عن أسباب وقوع الأزمات بهدف التنبؤ بحدوثها لاتخاذ الإجراءات الاحترازية وإعطاء إنذار مبكر بأماكن وأوقات حدوثها للوقاية من مخاطرها وتقليص خسائرها.
فالأزمة تمر منذ لحظة نشأتها بأربع مراحل تتمثل بالمرحلة التحذيرية، ومرحلة النشوء، ومرحلة الانفجار، ومرحلة الانحسار، فأهمية المرحلة التحذيرية تعتمد على قدرة المحلل على اكتشاف كل الاحتمالات والمتغيرات الواردة في سياق وقوع الأزمة، وربطها بالسيناريوهات الافتراضية التي تم وضعها مسبقاً وتفعيل البروتوكولات التي تتناسب مع درجة مخاطر الأزمة لتمكين القيادات ومتخذي القرار من التركيز على المعطيات لاتخاذ القرارات المطلوبة وبسرعة فائقة حتى تتم السيطرة على مخاطر التبعات، أما مراحل إدارة الأزمات فتكمن في: أولاً: التخطيط ما قبل الأزمة: وهي المرحلة التي يتم فيها التخطيط لكيفية الاستجابة لأحداث الأزمة. ثانياً: إدارة الأزمة: وهي المرحلة التي تتم فيها الاستجابة للأزمة للحد من تأثيرها. ثالثاً: التعافي من الأزمة: وهي المرحلة التي تتم فيها تقييم الأضرار وإعادة الوضع إلى ما قبل حدوث الأزمة.أما عوامل نجاح إدارة الأزمات فتتمثل في فعالية القيادة وتجانس فريق العمل وتكامل قدراته وخبراته في إدارة الأزمات وتقدير المخاطر، وتوافر الموارد والمعرفة والبيانات وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وفي الكويت ما زال التردد والتنظير يخيم على فكرة إنشاء مركز دائم ومستقل لإدارة الأزمات والكوارث بقيادة الكفاءات من الخبراء والمتخصصين، وأن يكون مجهزاً بقواعد بيانات رقمية ضخمة، وتقنيات تحليلية متطورة، وأنظمة استشعار ومحاكاة ذكية! إن ما نمر به من ظروف محلية وإقليمية ومناخية قد تتطور إلى أزمة في أي لحظة، تحتم علينا اليقظة والحذر، والاستعداد وإعادة ترتيب الأولويات، والتنبؤ والتخطيط لما هو قادم افتراضياً أو حتمياً، فهل ستقدم الحكومة ضمن أولوياتها القصوى في الربع الأول من عام 2022 خطة مشروع قانون إنشاء المركز الوطني لإدارة الأزمات لإقراره في جلسة نيابية خاصة؟
مقالات
بوصلة: المركز الوطني لإدارة الأزمات
23-01-2022