حوار كيميائي : الكويت مسؤوليتنا جميعاً «أسرة» وحكومة ومجلساً
نهضت الكويت بجهود أبنائها، وبالتوازن بين الدور الرسمي والشعبي، وخلال عقود قليلة استطاعت أن تحتل مكانتها "درة للخليج"، وهو ما يُشعرنا بحسرة الآن على ما وصلنا إليه من انحدار وتراجع في المؤشرات المئة العالمية المعتمدة في أمانة التخطيط، بدءاً من مُدركات الفساد إلى جودة التعليم، مروراً بالحريات إلى سهولة الإجراءات والديموقراطية وغيرها، فضلاً عن المؤشرات المحلية التي يلمسها المواطن في الهدر، وتباطؤ الإصلاحات، وفقر الحلول، وتواضع الإنجازات، والتعثر في مواجهة التحديات. تولَّد عن هذه المخرجات مناخ من الإحباط بين أبناء الشعب، خصوصاً الشباب منهم، والذي يستشعره كل مراقب ويتحسَّر عليه كل غيور.السؤال الذي يُلح علينا طرحه: لماذا بلغنا ما بلغنا؟ وما السبيل لإخراجنا من دوامة الفشل المتكررة؟! فالكويت لا تعوزها الموارد والإمكانات، ومقومات النجاح متوافرة لمعالجة مكامن الخلل، سأستعرض معكم بعضها، في محاولة البحث عن بصيص أمل آخر النفق:
1- على مستوى مؤسسات الدولة: مازالت السُّلطة التنفيذية تُعاني غياب الإرادة السياسية والتهاون في معالجة الوضع العام، ومجلس وزراء خيَّب التوقعات باختياراته التي لا تُلبي الطموحات، ونهجاً حكومياً يُعيد نفسه، ويراوح في المكان، وضعفاً- إن لم يكن- انعداماً للمبادرات الحكومية لحلحلة الملفات العالقة، والتي تحولت إلى ملفات مزمنة- كالإسكان والتعليم ومكافحة الفساد- وتردي الوضع المالي والاقتصادي للدولة، وغياب الشفافية، وضعف الأداء في هذا الجانب، وتعيين القياديين في الدولة وفق محسوبيات وولاءات ومحاصصات أبعد ما تكون عن معايير الكفاءة والعدالة، فضلاً عن الصراعات التي تتجاذب مؤسسات أساسية في الدولة، بسبب تدخلات أصحاب النفوذ. ورغم غياب المبادرات الرسمية من جانب الحكومة، فإن الأخيرة لا تتعامل بجدية مع مبادرات الإصلاح التي يتقدم بها المجتمع المدني- مؤسسات وأفراداً- وهو مؤشر على الإهمال والرغبة في تكريس الواقع المتردي. 2- على مستوى السُّلطة التشريعية: مجلس شبه معطَّل، وتأزُّم العلاقة بينه وبين الحكومة، مما أدى إلى تراجع دوره التشريعي والرقابي. 3- على مستوى المجتمع المدني:- الذي كان مميزاً وفاعلاً- تراجَع دوره، وانكفأ من مؤسسات مجتمعية إلى ديوانية في بعض الأحيان، نتيجة فقد الحيوية، وأصابه الجمود والتهميش من جانب جهات الدولة التي لا تفهم دوره، ولا تُشاركه أو تبني معه ليكون رديفاً مُسانداً لها في إنفاذ الخطط والبرامج التي تعجز عنها.4- على مستوى القطاع الخاص: يغيب دوره في تمويل التنمية وردم الفجوة والمساهمة في تنويع مصادر الدخل وتوفير الوظائف للشباب، بإيجاد فرص عمل ودعم مبادرات المسؤولية الاجتماعية CSR. نريد قطاعاً خاصاً يقود ركب التنمية، وينتشل الدولة من الغرق في وحل التعثر. 5- يُضاف إلى كل ما سبق الصراع بين الشيوخ، الذي ترك أثره على الوضع العام وعلى جميع مؤسسات الدولة، وهم المسؤولون، وفق الدستور، عن استقرار الوطن واستيعاب الجميع وتحقيق التوازن بين كل الأطراف والفئات.إن تقدُّم الكويت مسؤوليتنا جميعاً، فمصيرنا مشترك، إما أن ننجح معاً أو نفشل- لا سمح الله- معاً، وغدُ الكويت ومستقبل الأجيال القادمة أمانة بين أيدينا، ولا يمكن الخروج من هذا النفق إلا بتضافر جهود الأطراف كافة، خصوصاً مَنْ بيدهم الإرادة والإدارة وفق الدستور. وعلى القوى والشخصيات الفاعلة تحمُّل مسؤولياتها في الإصلاح، والسعي لحوار وطني جامع يسمو بنا فوق الخلافات، ويتم التوافق عليه مع أسرة الحكم، لتنطلق ورشة التحديث والتطوير الحقيقي الذي يجنبنا مزيداً من التدهور، وعلى أبناء أسرة الصباح الكرام تعزيز اللحمة والتضامن بينهم، والتعامل مع خلافاتهم بروح المسؤولية، والمبادرة بالإصلاح، وسيكون الشعب الكويتي سنداً وعوناً لهم، فالكويت تستحق أن تكون أفضل، ولم تعد تتحمَّل المزيد.***«catalyst» مادة حفازة:حل صراع الأجنحة + سُلطتان تمثلان الأمة = كويت جديدة