في أول زيارة خليجية على هذا المستوى إلى لبنان منذ أزمة تصريحات وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي المسيئة للسعودية، وصل وزير الخارجية الشيخ د. أحمد الناصر، أمس، إلى بيروت في تطور دبلوماسي لافت تجاه لبنان، والتقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على أن يقابل اليوم رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري.وأشارت مصادر لبنانية إلى أن الشيخ الناصر شدد خلال لقاء ميقاتي على ضرورة السعي لإخراج لبنان من أزمته، وأبدى استعداد الكويت للقيام بأي مساعدة في هذا الصدد، خصوصاً بعد أن يسعى اللبنانيون لمساعدة أنفسهم في مختلف المجالات.
كما بحث ملف المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني.وقالت مصادر دبلوماسية أممية لـ"الجريدة"، إن زيارة الناصر كان يتم العمل عليها منذ فترة، مضيفة أنه على الرغم من أن الكويت أوقفت شبكات تابعة لـ"حزب الله" تعمل في مجال تهريب المخدرات وتبييض الأموال، إلا أن الموقف الكويتي بقي ثابتاً بما يخص الملف اللبناني ككل، وهي تبدي كل الحرص على المصالح المشتركة وعلى مصالح اللبنانيين في الخليج. ووصفت المصادر الزيارة الكويتية بأنها "تشكل كسراً للقطيعة الخليجية مع لبنان، وستؤسس للمرحلة المقبلة عندما سيكون اللبنانيون في حاجة إلى الجلوس على طاولة حوار جدية للخروج من الأزمة"، وأكدت أن "الخطوة الكويتية تمثل بادرة إيجابية على صعيد العلاقات اللبنانية الخليجية، خصوصاً أن هناك تنسيقاً كويتياً - سعودياً حول هذا المسار". وتضع المصادر الأممية هذه الزيارة في سياق الحوار الإيراني ــ السعودي المستمر بشكل متقطع، وسط إصرار على ضرورة إبقاء لبنان خاضعاً لمظلة حماية واستقرار.من جهة أخرى، تفيد مصادر خليجية بأن لبنان سيكون أمام حركة دبلوماسية تبدأ بزيارة الناصر، وتشير إلى أن باريس ستعيد إحياء التواصل مع السعودية في المرحلة المقبلة للبحث بما تم الاتفاق عليه خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى السعودية. وسيزور وفد فرنسي السعودية للبحث في آلية تقديم المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني. وتأتي الزيارة في توقيت لافت على الصعيد المحلي، إذ تفيد بعض المعلومات بأن وزير الخارجية الكويتي قد يلتقي رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، الذي يجري مشاورات سياسية مع كتلته وتياره وشخصيات أخرى فيما هو يفكر بالعزوف عن خوض الانتخابات النيابية.وينشغل لبنان بالحركة السياسية، التي يقوم بها رئيس الحكومة السابق زعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري، الذي تابع، أمس، سلسلة لقاءات شملت رؤساء الحكومة السابقين، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. في جميع اللقاءات، التي أجراها منذ عودته إلى بيروت الخميس الماضي، يؤكد الحريري عزوفه عن المشاركة في الانتخابات النيابية، دون أن يحسم مصير مشاركة تيار المستقبل، على الرغم من أن النقاشات تشير إلى أنه لا يفضل أن يترشح أحد باسم "المستقبل"، وعلى من يريد الترشح أن يبحث عن تحالفات لكن بدون أن يخوض معركته باسم التيار الأزرق.قدّم الحريري مطالعات متعددة حول الظروف التي أوصلته إلى اتخاذ قراره، مستعيداً مسيرة أكثر من 15 سنة، من بينها فوز تحالفه السياسي بالأكثرية المطلقة عام 2009، وعلى الرغم من هذا الفوز فلم يتمكن من الحكم أو إنجاز الإصلاح المطلوب بسبب سياسات حزب الله التي تغلّب مصالح الخارج على الداخل، وقال لأعضاء كتلته:" ماذا يمكننا أن نفعل لو ربحنا الانتخابات؟ سيبقى الوضع على ما هو عليه، والبلد يتجه نحو الأسوأ بدون أي مؤشر إيجابي، وفي حال مشاركتنا سنكون طرفاً يتحمل مسؤولية كبيرة لما يجري، بينما العزوف يسقط الأزمات في يد حزب الله وحلفائه، وبالتالي عليهم هم أن يتحملوا المسؤولية، بدلاً من تشاركنا معهم بها".أكد الحريري أمام نوابه أنه سيستكمل لقاءاته السياسية، ليعلن عن قراره النهائي غداً في مؤتمر صحافي سيعقده في بيت الوسط، وطلب من جميع أعضاء الكتلة الحضور، وهو بذلك يريد إلزام الجميع بقراره لجهة عدم الترشح باسم "المستقبل". ومن الواضح أن بري وجنبلاط من أكثر المعارضين لقرار الحريري، وهما يعتبران أنه من الضروري أن يكون مشاركاً في الانتخابات. ويركز جنبلاط على أن استمرار الحريري السياسي لا يمكن أن يكون خياراً شخصياً بل هو يتعلق بمصير بلد وتوازناته، ومصير طائفة مؤسسة للكيان اللبناني ووحدها القادرة على إعادة التوازن. وهذا الكلام يقوله جنبلاط في مختلف أوساطه داخل لبنان وخارجه.هناك محاولات كثيرة داخل لبنان وخارجه تحاول ثني الحريري عن قراره، أو بالحدّ الأدنى تحاول إقناعه بأن يوكل المهمة إلى شخصية قريبة منه لإدارة المرحلة الحالية تمهيداً لعودته لاحقاً، لكن الأهم عدم ترك الساحة فارغة أو إلى الفوضى والضياع. سيعقد الحريري اجتماعات أخرى مع رؤساء الحكومة السابقين، وسيحاول البحث معهم فيما يمكن الوصول إليه من قرارات، وبعد إعلان الرئيس تمام سلام عزوفه عن المشاركة في الانتخابات، تتحدث بعض المعلومات عن أن الرئيس نجيب ميقاتي قد يلجأ لنفس الخيار أيضاً خصوصاً أنه رئيس حكومة فكيف سيشارك في اقتراع تنظمه حكومته؟. لكن بحال حصل توافق بين رؤساء الحكومة السابقين على عدم المشاركة، وهذا يعني نزع الميثاقية السنية عن الاستحقاق الانتخابي وتكرار تجربة مقاطعة المسيحيين للانتخابات في التسعينيات، وهنا ثمة من يعتبر أن ذلك قد يكون مقدمة لطرح تأجيل الانتخابات طالما أن طرفاً أساسياً يقاطعها. في المقابل، هناك وجهات نظر أخرى تقول إن تجارب المقاطعة لم تكن ناجحة لدى المسيحيين في التسعينيات في لبنان، ولا حتى لدى السنة العراقيين الذين قاطعوها في مراحل عديدة فوجدوا أنفسهم مهمشين سياسياً.
أخبار الأولى
الكويت تكسر عزلة لبنان بتنسيق خليجي
23-01-2022