شخصية المدن*
![خولة مطر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/982_1671286347.jpg)
المطارات متشابهة مع فوارق بسيطة جداً والشوارع هي هي، والمباني والفنادق وقلة التخطيط وقلة الاحترام لتراث أو بعض تراث كان، هي مدن لا تشبه إلا نفسها أو مدن دون أي شخصية، فالمدن لها شخصية كما المباني والبيوت والبلدات والشوارع، بعضنا يتذكر شارع بيتهم الأول وهم أطفال في مقتبل العمر ويقول "ياه ليتها تعود" فيرد الآخرون بصوت وكأنه للجوقة المتجولة نفسها "الدنيا بتتحول والشوارع والمباني أيضا تكبر وتشيخ وتموت فتأتي أخرى وهذه سنة الحياة"، درس هو ربما في معنى الحياة، لكنه درس يغفل أن للمدن شخصية إذا طمست أو انطمست أو ردمت أو حتى قتلت في ليلة ظلماء فلا يبقى سوى مدن المسخ لا شخصية لها سوى أنها تشبه تلك التفاحة الكبيرة التي أبهرت الكبار قبل الصغار ليس بأي شيء إلا ببعض الدعاية وكثير من الشخصية، ربما التي نمت وكبرت معها، حتى عندما شاخت الشوارع والمباني بقيت المدينة تجمل ما أفسده الدهر!!! كيف استطاعوا إقناع الصغار والكبار أن هذه المدن هي المدنية والحضارة؟ كيف علموهم أن يحبوا ما لا طعم له ولا رائحة سوى طفح المجاري الذي لم يعرفوا كيف يقضوا عليه أو غرق الشوارع بعد عاصفة مطرية، كيف تكون مدينة حضارية بشوارع تغرق في طفح المجاري؟ وكيف ترسم صورا لمدن لا تشبه إلا المخلوقات المشوهة التي تختبئ في العتمة في حين يقوم "الطبالون"، عفوا الإعلاميون المحدثون أو الطبالون برتبة "إعلامي" أو إعلامية، برسمها على أنها القفزة التي ستنقل هذه المدن بل البلدان إلى مراتب متقدمة في قوائم التنمية!!! هم كمن يخفي أوساخه تحت السجادة متصوراً أنها اختفت وأن المنزل، البيت، الشارع، البلدة أو المدينة أو"الدولة" قد تحول فجأة إلى نيويورك!!! وربما يكونون صادقين فمبانيها متطابقة حد التقليد السمج إلا أنها مدن معدومة الشخصية أو منزوعتها أو حتى مخلوقات شوهها النفط عندما أصبح مصدرا للتلوث.* ينشر بالتزامن مع «الشروق» المصرية