بينما يؤكّد آخر استطلاع للرأي، أن الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون سيتقدم بفارق كبير على منافسيه في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في فرنسا لو أن هذه الانتخابات جرت اليوم، وصف وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين، زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرّف مارين لوبن، بأنها «أخطر شخص على البلد»، واعتبر أن فرضية وصولها إلى السلطة تعني «زرع التفرقة والحرب الأهلية بفرنسا».وفي مقابلة مع صحيفة «لوجورنال دو ديمانش»، نشرت أمس، أوضح دارمانين، أن «لوبن عندما تقول إنها ستجبر القضاة على اتخاذ عقوبات جنائية إلزامية، فهذا ليس ممكناً دستورياً، وسيكون ذلك بمنزلة إنهاء لمبدأ أساسي وهو فصل السلطات. فهي عندما تتحدث عن صفر هجرة، فهذا ليس ممكناً تقنياً، ولا مرغوباً فيه لمستقبل الأمة، وإذا تقلدت السيدة لوبن المسؤوليات، فسيكون ذلك يعني التفرقة الوطنية، ثم الحرب الأهلية».
وفي معرض جوابه عن سؤال حول مقترحات المرشحة اليمنية أيضاً فاليري بيكريس، فيما يتعلق بالمراقبة بالفيديو، قال وزير الداخلية: «الموضوع ليس بيكريس، ولكن لوبن، التي تسعى أكثر للوصول للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية».جاء ذلك غداة تأكيد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إبسوس سوبرا ستيريا»، أن ماكرون الــــذي لم يعــلــــن ترشيحــــه رسميــــاً بعد، يحظى بـ 25% من نوايا التصويت أمام بيكريس ولوبن اللتين تعادلتا بنسبة 15.5%.وأظهر الاستطلاع أن ماكرون سيفوز كذلك بالدورة الثانية أمام أي من المرشحتين بـ 54% من الأصوات مقابل بيكريس (46%)، و57% مقابل لوبن (43%).كما يتوقع أن يحصل مرشح اليمين المتطرف المثير للجدل إيريك زمور على 13% في الدور الأول، مستعيداً بعضاً من تأخره أمام المرشحتين. وتجري كل من جولتي التصويت في 10 و24 أبريل.في غضون ذلك، يطبع النقاش حول «الهجرة والإسلام» بشدة حملة الانتخابات الرئاسية في فرنسا. وقال الخبير السياسي باسكال بيرينو، إن «عنصر الهجرة حاضر بصورة خاصة في فرنسا، لأنه يحرك الذكرى الصعبة لحرب الجزائر وما واكبها من قتلى وأعمال تعذيب وعودة جماعية إلى الوطن، ما ترك آثاراً عميقة في اللاوعي الجماعي».وعلى سبيل المقارنة، لفت بيرينو إلى أن «ألمانيا لم تقاتل تركيا وبلجيكا لم تقاتل المغرب»، في إشارة إلى المجموعتين الكبيرتين المتحدرتين من أصل تركي ومغربي في هذين البلدين على التوالي.وأوضح إيمانويل كونت، الباحث في مركز الشؤون الدولية في برشلونة، أن فرنسا واجهت أيضاً «ضغطاً ناجماً عن الهجرة أكبر مما واجهته القوى الاستعمارية الأخرى، وعانت من قصور في استقبال المهاجرين ولا سيما على صعيد الوظائف».وأشار كونت إلى أن الضواحي التي شيدت في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية فرغت من الطبقات الوسطى، ولم يبق فيها سوى الأكثر فقراً، ومعظمهم من المهاجرين أو أبنائهم، في هذه الأحياء التي خلت تدريجياً من المتاجر والخدمات العامة.ومع حرمانهم من فرص مهنيّة، غرق البعض في الجريمة، فتحوّل المهاجرون عندها إلى مجرد «مصدر إزعاج» برأي قسم من المواطنين، وهي صورة نمطية غذّتها «الحملة السياسية» التي نُظمت ضدّهم.
دوليات
فرنسا: فوز لوبن بالرئاسة قد يؤدي لحرب أهلية
24-01-2022