بعد ساعات من إعلان البنتاغون وضع 8500 جندي في حال تأهب بحال تم اتخاذ قرار سياسي لنشرهم في أوروبا، على ضوء تطورات الملف الأوكراني، قامت القوات الروسية بتحركات جديدة أمس، على جبهتين مع أوكرانيا، وبدأت مناورات وعمليات تفتيش قرب حدود أوكرانيا الشمالية وفي جبهة جزيرة القرم عند الحدود الأوكرانية الجنوبية تزامناً مع مناورة بحرية روسية - صينية في بحر العرب. وقالت وكالات أنباء روسية، إن التحركات تتضمن عمليات تفتيش للتأكد من جاهزية القوات القتالية الروسية وتدريبات تشارك فيها طائرات مقاتلة وقاذفات الى جانب 6 آلاف جندي.
وقال قائد القوات العسكرية في جنوب روسيا ألكسندر دفورنيكوف، إن العملية المشتركة تشمل خصوصاً سلاح الجوّ ومضادات الطائرات وسفن أسطولَي البحر الأسود وبحر قزوين.
كييف تحبط هجمات
إلى ذلك، أعلن جهاز الأمن الأوكراني في بيان، أمس، «تفكيك مجموعة إجرامية تنشط تحت إمرة أجهزة روسية خاصة، كانت تحضّر لهجمات مسلّحة لزعزعة استقرار البلاد، وضبط بحوزتها متفجرات وأسلحة خفيفة وذخائر». في السياق، أكد وزير الدفاع الأوكراني أليكسي ريزنيكوف أمام البرلمان، أمس، أن بلاده لم تعد ترى وجود خطر لغزو روسي محتمل لأوكرانيا.أضاف ريزنيكوف: «نحن نقيّم الوضع على مسافة 200 كيلومتر من الحدود، إنهم ينسحبون باستمرار، ثم يسحبون القوات، ويجرون التدريبات، ويمكنني القول على وجه اليقين، إنه حتى اليوم، لم تنشئ القوات المسلحة الروسية مجموعة ضاربة، يمكنها شن غزو عنيف لأوكرانيا».ولفت إلى أنه «وعلى الرغم من تطابق البيانات الأوكرانية والدول الشريكة، فإن هناك اختلافاً في تفسيرها».وأول من أمس، دعا سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أليكسي دانيلوف، وسائل الإعلام إلى التخفيف من حدة تأجيج الوضع الأمني في البلاد وعدم زيادة التوتر وبث الذعر.التأهب الأميركي
في غضون ذلك، علق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس، على إعلان «البنتاغون» وضع 8500 عسكري أميركي في «حالة تأهب قصوى» تحسباً لاحتمال نشرهم في اوروبا، قائلاً، إن الخطوة تظهر أن «الولايات المتحدة تقوم بتصعيد التوتر» مؤكداً أن موسكو تراقب تلك الإجراءات «بقلق بالغ».وأمس الأول، أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، أنّ «عدد العسكريين الذين وضعهم وزير الدفاع لويد أوستن في حال تأهب قصوى يصل إلى 8500 عسكري ومعظمهم من القوات البرية ووحدات دعم» استعداداً لاحتمال نشرهم في عداد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) إذا ما اجتاحت روسيا أوكرانيا، لكنه أوضح أنّه «في الوقت الراهن لم يُتّخذ أيّ قرار بشأن نشر قوات خارج الولايات المتحدة».وأوضح كيربي، أنّ «وضع هؤلاء العسكريين في حال تأهّب قصوى يقصّر إلى النصف المدّة اللازمة لهم للاستعداد لمغادرة الولايات المتحدة إلى الخارج، أي من 10 أيام إلى 5 أيام فقط».ولفت إلى أنّ هؤلاء العسكريين الـ 8500، لن ينتشروا في أوكرانيا إذا ما تقرّر إرسالهم، بل سينتشرون في دول أوروبا الشرقية المنضوية في «الناتو»، وستكون مهمّتهم دعم قوة الردّ السريع التابعة لـ«الأطلسي» والبالغ عديدها 40 ألف عسكري، لكن من الممكن أيضاً أن يستخدم وزير الدفاع جزءاً من هذه القوات «لحالات طوارئ أخرى»، لم يحدّد تفاصيلها.الخلافات الغربية
وحاول الرئيس الأميركي جو بايدن في ختام مؤتمر عبر الفيديو، أمس الأول، مع قادة كلّ من فرنسا وإيطاليا وبولندا بريطانيا والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي احتواء الانقسامات الغربية، التي ظهرات إلى العلن في الأيام الأخيرة، معلناً عن وحدة «تامة» بين الحلفاء في ردع أي هجوم روسي ضد أوكرانيا.وانتقد الاتحاد الأوروبي «التهويل» الأميركي حول إمكانية حصول غزو روسي وشيك لأوكرانيا وتحفّظ على بدء واشنطن وحلفائها «الانغلوفون» أي بريطانيا وأستراليا وكندا عمليات إجلاء للدبلوماسيين من كييف. وطلبت دول الاتحاد الأوروبي تفسيرات من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حول تصريحات بايدن، ودعت واشنطن إلى «تجنّب اللعب بأعصاب أوروبا» والأهم «تجنب ردود الفعل المثيرة للقلق التي لديها حتى تداعيات مالية» في إشارة على ما يبدو لأزمة الغاز التي تضغط على عواصم أوروبية عدة.في السياق نفسه، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي دعا الأسبوع الماضي إلى حوار أوروبي ـ روسي بمعزل عن واشنطن، أنه سيقترح خطة لخفض حدّة التوتر على نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع سيعقد بينهما قريباً. ومن المقرر أنّ يعقد اليوم اجتماع رباعي في باريس في إطار ما يعرف «بصيغة النورماندي» على مستوى مستشارين دبلوماسيين يمثّلون فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا.«حرب أوكرانيا» فرصة خليجية
قال الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق، إن اجتياح موسكو المحتمل لأوكرانيا، قد يشكل «فرصة» لدول الخليج المنتجة للنفط «لإصلاح علاقتها مع أميركا». وقال بن جاسم في حسابه على «تويتر»،: «الوضع المتوتر في أوكرانيا وحولها يدعونا للتساؤل، هل سيكون هناك اجتياح روسي لأوكرانيا أم أن ما يحدث مجرد رقصة على طرف الطاولة؟»وأضاف «بالنسبة للولايات المتحدة من أهم العواقب ما يتصل بموضوع الطاقة، والصدمة التي ستؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وتأثير ذلك على الحزب الديموقراطي في الانتخابات النصفية للكونغرس في نوفمبر، لذلك فإن أميركا ستضطر للتعامل مع الدول الكبرى المنتجة للنفط لتأمين زيادة الإنتاج، وخصوصاً الدول التي تستطيع زيادة الإنتاج». وتابع: «من هنا فقد تكون هناك فرصة أمام هذه الدول لإصلاح علاقتها مع أميركا واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق مكاسب سياسية، خصوصاً في منطقتنا وبالذات فيما يتصل بالملف النووي الإيراني».أما عن روسيا، فقال بن جاسم انها ستجد نفسها أمام «عزلة سياسية وعقوبات اقتصادية قاسية ستؤدي الى ضغط اجتماعي داخلي، رغم أنها تستطيع الاستفادة من الزيادة المرتقبة في أسعار النفط والغاز وحاجة العالم إليها».وأوضح أن «روسيا تستطيع كذلك استغلال أي شرخ في السياسات بين أميركا وأوروبا لتخفيف وقع العقوبات عليها، لكنها ستجد نفسها في النهاية أمام تحديات سياسية واقتصادية والكاسب الأكبر من هذا كله سيكون هو الصين في مباحثاتها القادمة مع أميركا».