بوصلة: مؤسسات الدولة اللا مركزية
![د. عبدالعزيز إبراهيم التركي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/332_1709994422.jpg)
لذا فإن إنشاء مجلس بلدي منتخب من أبناء المحافظة يسهم في تلبية احتياجاتهم بصورة مستقلة وفي وقت زمني محدد، يعزز التنافسية بين المحافظات من خلال القضاء على الدورة المستندية البطيئة ويسرع إنجاز الأعمال، واتخاذ القرارات المناسبة لطبيعة كل محافظة، وتنمية قدراتها الإدارية والإشرافية والرقابية. فالمجالس البلدية المنتخبة تخفف العبء عن المجلس البلدي المركزي بحيث يتيح له التفرغ للمشاريع الكبرى على مستوى الدولة بجانب أعمال الرقابة والإشراف على المجالس البلدية في المحافظات، وفي هذا الجانب نتذكر أن المهام التنظيمية المحدودة للبلدية في عام 1930 لا تتناسب مع حجم متطلبات الكويت الجديدة في 2022 وتعقيدات وظائف ومهام الدولة الحديثة في ظل تحديات ومخاطر العولمة والتغيرات المناخية، فهناك حاجة ملحة للأخذ باستراتيجيات توزيع الصلاحيات بين الحكومة المركزية والمؤسسات المحلية من خلال اللامركزية كأداة من أدوات الإصلاح الإداري لتوصيل الخدمات وإنجاز المعاملات بكفاءة وفعالية وتنافسية. فالمجالس البلدية في كل محافظة تحقق اللامركزية الإدارية وتضمن التنمية المحلية باستقلالية وشفافية، وهو ما يصعب تحقيقه طالما كان الاعتماد كلياً على السلطة المركزية مادياً وإدارياً، لذا نقترح أن يتكون المجلس البلدي المركزي من رؤساء مجالس البلديات في المحافظات، وكذلك إعطاء رئيس المجلس البلدي المنتخب صلاحيات دور المحافظ، مع تمكين المواطن من ممارسة دوره في إدارة شؤونه المحلية، والمساهمة بفعالية في تخطيط وتنمية محافظته من خلال مجلس بلدي محلي يُشكل بالانتخاب، وله استقلالية مالية وإدارية وصلاحيات واسعة في تنظيم وتطوير وإدارة وتنمية المناطق الواقعة ضمن حدود محافظته، مما يضعه أمام مسؤولياته الوطنية وواجباته المجتمعية. إن إيجابيات اللامركزية الإدارية لا تقتصر على المجالس البلدية فقط، بل تتعداها إلى كل مؤسسات الدولة، فهي وسيلة فعالة لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي المركزي المتضخم في حجمه ومصروفاته، المتداخل في مهامه واختصاصاته، المتشابك في سلطاته وصلاحياته، المتقادم في سياساته وإجراءاته، فإذا قامت الحكومة بتفويض المحافظات مالياً وإدارياً وربطها آلياً ورقمياً فسوف تتسارع خطوات تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، مما سينوع مصادر دخلها، وينمي اقتصادها الذي سيقوم على التنافسية والإنتاجية بين محافظات متناغمة مع مؤسسات الدولة اللامركزية.