في ظل دخول عدد كبير من القسائم السكنية لسوق التشييد والإنشاء، سألت «الجريدة» عدداً من الصناعيين عن توقعاتهم لأسعار مواد البناء، وبينما قال بعضهم إن جميع المؤشرات تشير إلى ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة، رأى آخرون أنها ستشهد استقراراً؛ لزيادة الطاقات الإنتاجية للمصانع وزيادة عمليات الاستيراد من الخارج.ولفت هؤلاء الصناعيون إلى أن السوق يعاني حالياً شحاً في بعض المواد الأساسية، موضحين أن الأسعار شهدت خلال الفترات الماضية ارتفاعات قياسية، وهو ما يزيد مخاوف تضاعف تكلفة بناء القسيمة على المواطنين مع غياب المعالجات الجذرية.
وكان مجلس الأمة أقر أمس الأول زيادة رأسمال بنك الائتمان بمقدار 300 مليون دينار مع جدولة سندات بـ 500 مليون لتغطية أحكام قانون الرعاية السكنية، وتمويل 11.428 ألف قسيمة سكنية، كما وافق المجلس على توصية نيابية بإلغاء رسوم الجمارك على مواد البناء من حديد وأسمنت وأخشاب، في وقت أكدت الحكومة اتخاذها العديد من الإجراءات التي من شأنها المحافظة على أسعار تلك المواد، وكسر الاحتكار وزيادة المعروض لتغطية متطلبات السوق خلال الفترة المقبلة.ذكر رئيس مجلس إدارة شركة سدير للتجارة والمقاولات طارق المطوع أن منح أوامر بناء القسائم السكنية للمواطنين دفعة واحدة سيتسبب في ارتفاع الطلب على مواد البناء، وبالتالي سينعكس ذلك على الأسعار بشكل عام، مضيفاً أن مجلس الأمة وافق على الاقتراح بقانون بشأن زيادة رأسمال بنك الائتمان، بهدف توفير الاعتمادات المالية اللازمة لتسريع تسليم القسائم المستحقة للمواطنين، في خطوة مستحقة تصب في مصلحة المواطن.وأشار المطوع إلى أن أسعار مواد البناء شهدت الفترة الماضية ارتفاعات قياسية، ويعاني السوق حالياً شحاً في بعض المواد، التي تعتبر أساسية للبناء، موضحاً أن دخول قسائم جديدة سيرفع الأسعار بنسبة لا تقل عن 20 في المئة، وهذا من الطبيعي سينعكس سلباً على وتيرة التشييد والإنشاء.وبين أن هناك مواد متوفرة مثل الأسمنت والرمل، في حين هناك نقص في مواد مثل الحديد والأرضيات، والمواد الكهربائية، ودخول قسائم جديدة سيشكل طلباً عالياً على مواد البناء، مضيفاً أن قطاع مواد البناء لا يزال يعاني من جائحة كورونا وتداعياتها، وأن هناك العديد من المصانع لا تزال تعمل بطاقات تشغيلية أقل من قدرتها، وذلك نتيجة لنقص الأيدي العاملة ومواد الخام، اضافة الى ارتفاع تكاليف النقل.وأكد المطوع ان الدور الاكبر الآن يقع على الحكومة، إذ عليها تسهيل اجراءات عودة واستقدام العمالة من الخارج، خصوصاً في ظل التوجه نحو منح اوامر بناء للمواطنين، إضافة الى مراقبة الأسواق والأسعار.
خطوة مستحقة
من جهته، قال الخبير الصناعي احمد النوري ان رفع سيولة بنك الائتمان خطوة ايجابية ستصب في مصلحة المستحقين للرعاية السكنية، ولكن لا تزال هناك خطوات يجب اتباعها واتخاذها لاتمام هذا الامر، مشيراً إلى ان اسعار مواد البناء شهدت خلال الفترة الماضية ارتفاعات بنسبة لا تقل عن 10 في المئة، وجميع المؤشرات تشير الى ان هناك مزيداً من الارتفاعات خلال الفترة القادمة، لاسيما أن زيادة رأسمال "الائتمان" ستمول 11.4 الف قسيمة سكنية، وهذا الرقم كبير وسيعمل على رفع الطلب والأسعار.وبين النوري أن هناك بصيص امل بأن تستقر الاسعار او تنخفض، وذلك شريطة تطبيق قرارات وزارة التجارة والصناعة الاخيرة بحذافيرها، والتي تتمثل في وقف رسوم الجمارك على مواد البناء وتسهيل عمليات الاستيراد من الخارج، واعتماد منتجات اخرى، وهو ما سيعمل على زيادة المنافسة بين مواد البناء ولن يكون هناك ضغط على منتج او نوع معين.وأضاف ان من بين الاجراءات التي تعمل على استقرار الاسعار، والتي وعد وزير التجارة بتطبيقها، رصد أسعار مواد البناء بشكل أسبوعي من قبل فرق التفتيش الميدانية، ووضع خريطة طريق للتعامل مع السيناريوهات المقترحة للجم التضخم الذي قد ينتج في أسعار السلع الإنشائية.وأكد ان عدم تطبيق تلك الاجراءات، سينتج عنه ارتفاع كبير في الاسعار، وسيجبر المواطنين لأخذ قروض اضافية لتشييد منازلهم، موضحا انه من المفترض ان يكون حل الازمة الاسكانية شاملا لجميع النواحي ولا يقتصر فقط على توفير ارض وسيولة.القدرة على البناء
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات ركاز للمقاولات خالد المالكي أن هناك ارتفاعات كبيرة في اسعار مواد البناء في الوقت الحالي، اضافة الى اجور العمالة والمكاتب الهندسية، وهو ما أثر سلبا على المواطن وقدرته على البناء.وبين المالكي ان هناك شحاً كبيراً بالطابوق الأبيض العازل للحرارة، اضافة الى ارتفاع أسعار مواد الصرف الصحي والادوات الكهربائية، موضحا انه من الصعب استبدال تلك المواد بأخرى تجارية.وأشار الى ان هناك ارتفاعاً في اسعار ربطة الخشب لتصبح 170 ديناراً، بعدما كانت لا تتجاوز 75 ديناراً، اضافة وصول طن الحديد الى 260 ديناراً، غير أنه انخفض إلى 230 ديناراً حالياً، بعدما كان يبلغ 170 ديناراً.وأوضح المالكي ان تكلفة بناء قسيمة سكنية كانت تبلغ في السابق 100 الف دينار، اما الان فتبلغ ما قيمته 150 الف دينار، ومع دخول اكثر من 11.4 الف قسيمة سكنية للبناء، من المتوقع ان تصل التكلفة خلال الفترة القادمة إلى ما قيمته 170 الف دينار.ووصف القرارات التي اتخذتها وزارة التجارة والصناعة لضبط الاسعار، بـ "الترقيعية" وانها لا تعتبر حلاً جذرياً للمشكلة التي يعانيها السوق، مشيرا الى ان الحل الجذري يتثمل في انشاء المزيد من مصانع مواد البناء، ومنح التراخيص لمزيد من الشركات للعمل في هذا القطاع.وأكد ان هناك احتكارا لبعض المواد الاساسية، وأن استمرار الاسعار في الارتفاع "سيدخلنا في نفق مظلم، وسيتسبب في ازمة حقيقية"، لافتا الى ان هناك العديد من القسائم توقفت عن البناء في الوقت الحالي، وهي تنتظر حلولا جدية لمعالجة هذه المشكلة.وقال ان ارتفاع التكلفة المواد والايدي العاملة اجبر العديد من المواطنين على البحث عن مقاولين "الوانيت" والاستعانة بالعمالة الهامشية غير الحرفية، وهو ما سبب العديد من المشاكل والدخول في قضايا.ارتفاعات عالمية
ومن ناحيته، قال الرئيس التنفيذي لشركة الاولى لصناعة الحديد احمد الخرافي ان الارتفاعات التي شهدها قطاع مواد البناء ليست لاسباب محلية، بل هي ارتفاعات عالمية، حيث ان الجائحة كان لها الاثر السلبي على عمليات النقل والاستيراد، وايضا على الايدي العاملة، ومواد الخام.وأكد الخرافي أن الجائحة غيرت المفاهيم الصناعية، وأثرت على الاسعار بشكل كبير، موضحا ان السوق المحلي بالرغم من صغر حجمه يتمتع بمنافسة جدا عالية بين الشركات العاملة في هذا القطاع.وأضاف ان هناك منافسة بين المصانع المحلية، والمنتجات التي يتم استيرادها من الخارج، وهي ايضا ذات جودة عالية، وتتماشى مع متطلبات السوق المحلي، وهو ما يدل على ان هناك منافسة ومنتجات متنوعة لتناسب الجميع.وذكر أن زيادة رأسمال بنك الائتمان لتمويل ما يقارب 11.4 الف قسيمة سكنية، له انعكاسات ايجابية على السوق، فضلا عن حل ازمة سكن لدى العديد من المواطنين، مشيرا الى ان ضخ تلك السيولة سيكون له تأثير كبير على قطاعات واسعة تعمل في السوق المحلي.واضاف ان منح اوامر البناء سيساهم في زيادة الطاقات الانتاجية للمصانع المحلية، اضافة الى زيادة عمليات الاستيراد للمواد من الخارج، وهو ما سيعمل على استقرار الاسعار، إذ ستكون هناك وفرة وتنوع في المواد.