الكرد جزء من الحل لا جزء من المشاكل!

رغم أن بغداد وأربيل، عاصمة إقليم كردستان، تجمعهما دولة واحدة رسمية وهي العراق، فإنهما مختلفتان تماما، لكل واحدة منهما سياستها الخاصة واستراتيجيتها المتفردة، وفي كثير من الأمور تظهران وكأنهما على طرفي نقيض لا يجمعهما جامع ولا يربطهما رابط مشترك، كل شيء مختلف! لا العراقي حاول أن يحسس الكردي بالانتماء إلى الوطن (العراق!) ولا الكردي تخلى عن انتمائه الوطني لكردستان واندمج في المجتمع العراقي، كل واحد لديه وطن ينتمي إليه ويتغنى به!

حاول صدام حسين أن يجمعهما في بوتقة دولته القومية بالقوة ويحتجزهما في معسكرات خلف الأسلاك الشائكة كالقطيع لكنه فشل وذهبت محاولاته أدراج الرياح! وبقي الكرد على موقفهم لا يحيدون عن ثوابتهم قيد أنملة، وجاء المالكي وحاول أن يرضخهم لدولته الطائفية ومارس ضدهم سياسة التجويع ليجبرهم على الدخول في "محوره المقاوم!" لكنهم رفضوا التبعية، وفضلوا أن يعانوا ويلات العقوبات الاقتصادية من الدخول في محاور وتحالفات إقليمية توسعية!

ورغم دعم الكرد للدولة العراقية الجديدة عام 2003 ومساهمتهم في بناء مؤسساتها الحيوية ومشاركتهم في حكوماتها المتعاقبة على أمل أن يجدوا حلا لمشاكلهم العالقة مع العراق بشكل ودي، وعن طريق الديموقراطية والدستور بعد أن فشلوا في معالجتها عبر الحروب الاستنزافية الطويلة التي أنهكت الطرفين، ويضعوا حلا لمشكلة المناطق الكردية "المتنازع عليها" مع الدولة العراقية من خلال عمليات التهجير والتعريب العسكرية المتتابعة، ومدينة كركوك الاستراتيجية من أهم تلك المناطق! فإنهم نجحوا في إدراج مادة مهمة في الدستور (المادة 140) لحل الأزمة العقيمة ولكن السلطات العراقية لم تنفذ بنداً واحداً منها حتى الآن!

وظلت العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة العراقية متوترة دائما يشوبها الحذر والترقب، رغم مشاركة الكرد في الحكومة والبرلمان، ولكن المخاوف من تكرار مأساة الماضي القريب ظلت ماثلة أمام أعين الكرد، والعراقي في المقابل لديه تحفظات على الكردي سواء كان رئيسا للجمهورية أو وزيرا فإنه في نظره "دخيل" جاء لينهب ثروات الوسط والجنوب النفطية!

ورغم أن حصة إقليم كردستان من ميزانية الدولة العراقية أقل بكثير من نسبة 12% فإن الـ88% الأخرى تذهب الى جيوب المتربعين على السلطة دون أن يصرفوا فلسا واحدا على التنمية والإعمار والخدمات، حتى تحولت بغداد إلى مدينة أشباح! وأسوأ مدينة في العالم، لا تصلح للعيش الآدمي بحسب منظمة الشفافية الدولية!

ومع أن الكرد جربوا قادة الشيعة ولم يروا فيهم خيراً! لا للعراق ولا لإقليم كردستان، فإنهم اضطروا أن يخوضوا تجربة جديدة مع شخص آخر هو "مقتدى الصدر" عله يطبق الدستور ويعمل وفق طروحاته "الإصلاحية"، ويختلف عن بقية قادة الشيعة من "بياعي الشعارات!"، ويحل الأزمة الكردية المزمنة، فالكرد مع الحل السلمي وفق الدستور وهم جزء من الحل لا جزء من المشاكل كما رددها رئيس الإقليم "نيجيرفان بارزاني" على أسماع العراقيين في كل مناسبة!

* كاتب عراقي

● محمد واني