تلقت موسكو ببرود ردود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) على مقترحاتها المتعلقة بالضمانات الأمنية المرتبطة بملف الأزمة الأوكرانية، مشيرة إلى أنها "لم تتضمن نظرة إيجابية على سؤالنا الجوهري المتعلق بعدم توسيع الرقعة الجغرافية للناتو"، لكنها اعتبرت في الوقت نفسه أن هناك مجالا لمواصلة الحوار.وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، "إننا نتعامل مع ردود واشنطن والناتو الخطية وندرسها بشكل متكامل، وبعد ذلك سنقدم تقريرا للرئيس فلاديمير بوتين، الذي سيتخذ القرار حول الخطوات التي يجب اتخاذها"، مضيفا: "الرد الأميركي لم يتضمن نظرة إيجابية على السؤال الجوهري المتعلق بعدم توسيع الرقعة الجغرافية لحلف الناتو، وعدم نشر أسلحة فتاكة من شأنها أن تهدد الأمن الروسي، ورغم ذلك فإن الرد الأميركي يتيح إمكانية البدء بإجراء حوار جدي، لكن فيما يتعلق بالمسائل الثانوية".
وكان المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف اعتبر أن "ردود واشنطن وبروكسل لا تبعث على التفاؤل، ولم تراع الهواجس الروسية ولم تظهر النوايا لأخذ المخاوف الروسية في الحسبان"، مشيرا إلى أن "القيادة الروسية لن تتسرع في التعليق على هذه الردود، وهناك حاجة لمزيد من الوقت من أجل دراستها وتحليلها"، وشدد على أن من مصلحة موسكو وواشنطن مواصلة الحوار.وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والأمين العام لـ "ناتو" ينس ستولتنبرغ أعلنا أنهما سلما ردهما على المبادرة الروسية التي اقترحها بوتين، والتي تتضمن مشروع اتفاقية حول الالتزام بعدم توسيع الرقعة الجغرافية للحلف الأطلسي شرقا تجاه الحدود الروسية، وتخلي الحلف الغربي عن قبول أعضاء جدد من الدول التي كانت تدخل سابقا في الاتحاد السوفياتي السابق، وخصوصا أوكرانيا وجورجيا.ودعت المبادرة الروسية كذلك واشنطن إلى عدم إنشاء قواعد عسكرية على أراضي الدول التي كانت في الماضي جزءا من الاتحاد السوفياتي، وعدم استخدام البنية التحتية فيها للأغراض العسكرية، إلى جانب الامتناع عن القيام بطلعات جوية للقاذفات الاستراتيجية المزودة بأسلحة نووية أو غير نووية، ومنع وجود بواخر حربية خارج إطار الفضاء الوطني أو المياه الإقليمية في أي مكان تستطيع منه أن تصيب أهدافا في أراضي الطرف الآخر.إلى ذلك، اتفقت روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا، في ختام جلسة محادثات ماراثونية للرباعي الذي يعرف بـ "صيغة النورماندي" في باريس، على عقد جولة جديدة في برلين، بعد أن قالت فرنسا وألمانيا إنهما تلقيا من الجانب الروسي "إشارة جيدة"، وكانت واشنطن توقعت مجددا أن تقوم موسكو بتحرك عسكري في أوكرانيا بحلول منتصف فبراير المقبل.
برلين و«نورد ستريم 2»
رغم ذلك، توعدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أمس، بأن يكون لأي غزو لأوكرانيا عواقب خطيرة على روسيا، مشيرة إلى عقوبات قد تستهدف خط أنابيب "نورد ستريم 2" المخصص لإيصال الغاز الروسي إلى أوروبا. وتنتمي وزيرة الخارجية الى حزب الخضر، الذي يتبع سياسة أكثر تشددا حيال موسكو من الحزب الاشتراكي الديمقراطي أو حتى من حزب اليمين المحافظ. وفي تطور آخر على المستوى الدبلوماسي، أعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، أن بوتين قبل دعوة نظيره التركي رجب طيب إردوغان لزيارة تركيا، مشيرا إلى أن توقيت الزيارة مرهون بالجداول الزمنية للرئيسين والوضع الوبائي.وكان اردوغان، الذي تجمعه علاقات مميزة مع كييف، خصوصا بسبب المعارضة الشرسة لتتار القرم الناطقين بالتركية، لضم موسكو للقرم، اقترح جمع بوتين بالرئيس الأوكراني في أنقرة، واتهمت موسكو تركيا بتزويد كييف بطائرات مسيرة تركية الصنع، منحتها تفوقا كبيرا على المتمردين الانفصاليين الموالين لموسكو في منطقة الدونباس شرق أوكرانيا.الصين على الخط
وفي أول تصريح بهذه الحدة تجاه الأزمة في أوكرانيا، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، خلال اتصال بنظيره الأميركي انتوني بلينكن، أمس الأول، إن بلاده تحث الولايات المتحدة على النظر بشكل جدي إلى مخاوف وقلق روسيا في المجال الأمني.الجيوش تتحرك
وبينما أفادت تقارير بأن "الناتو" يدرس إمكانية إنشاء وحدة قتالية تابعة للحلف في رومانيا وبلغاريا وهنغاريا وسلوفاكيا، ذكر يان ليشتشينكو، أحد قادة الانفصاليين الموالين لموسكو في الدونباس، انه تم "رصد وجود مرتزقة من شركة عسكرية أميركية خاصة" في المنطقة.وقال وزير الداخلية الأوكراني دينيس موناستيرسكي إن الشرطة اعتقلت، أمس، جنديا، من الحرس الوطني أطلق النار على حراس أمن في مصنع عسكري لأسباب مجهولة، ما أسفر عن مقتل 4 جنود وامرأة مدنية وإصابة 5 آخرين.وأمر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الأول الشرطة بفتح تحقيق بشأن عملية إطلاق نار نفّذها عنصر من الحرس الوطني أسفرت عن مقتل 5 أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح بالغة.