بعد تحذيرات غربية من اقتراب جهود إحياء «الاتفاق النووي» الإيراني من «مأزق خطير» وتجديد الولايات المتحدة تلويحها باللجوء إلى خيارات غير دبلوماسية؛ إذا فشلت مفاوضات فيينا، قام وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن بزيارة لافتة إلى طهران، التقى خلالها نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان أمس.وعززت فرضية حمل زيارة بن عبدالرحمن لوساطة بين طهران وواشنطن قيامه، قبل يومين، بإجراء مباحثات هاتفية منفصلة مع عبداللهيان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن تناولت آخر المستجدات في محادثات فيينا والتطورات الإقليمية وعدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
لكن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) سارعت إلى نفي التكهنات والأنباء التي سرت بشأن توسط الدوحة لتسهيل عقد محادثات مباشرة بين الإيرانيين والأميركيين في فيينا بهدف التوصل إلى تفاهم يحيي الاتفاق النووي المبرم عام 2015.وذكرت أن خطوة بن عبدالرحمن، التي تأتي عشية سفر أمير قطر تميم بن حمد إلى واشنطن للقاء الرئيس جو بايدن، «أثارت بعض التصورات الخاطئة. والبعض يختلقها لتسهيل المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة».وأفادت بأن الوزيرين استعرضا العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تطويرها في مختلف المجالات خلال لقاء ثنائي بمقر وزارة الخارجية في طهران. كما تم التطرق إلى آخر المستجدات الإقليمية، إلى جانب تبادل الآراء حيال عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
كبح التفاوض
وتزامن وصول الوزير القطري، الذي سبق أن زار إيران عقب تولي حكومة الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي السلطة، مع احتدام جدال داخلي، بين أجنحة النظام، بشأن تصريحات منفصلة أدلى بها عبداللهيان وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني طرحا فيها احتمال إجراء مباحثات مباشرة مع واشنطن لإبرام «تفاهم جيد» يعيد القيود على برنامج الجمهورية الإسلامية الذري مقابل رفع العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018 عليها.وشنت أوساط متشددة حملة ضد «تساهل» عبداللهيان وشمخاني في إمكانية عقد مباحثات مباشرة قد تفضي إلى منح واشنطن امتيازات، دفعت شمخاني وهو أيضاً مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، للتراجع علناً عن تصريحاته السابقة. وقال، شمخاني، في حديث لصحيفة «كيهان» الأصولية الصادرة، أمس «أؤكد إنني لم ولن أوافق قط على إجراء محادثات مباشرة بين الدولتين»، مبيناً أن «طهران تشارك في محادثات فيينا بأيدٍ ممثلة واقتدار، وأن مطالبنا قانونية ومنطقية وشفافة، وأنه إذا كانت هناك حاجة للتبادل مع الفريق الأميركي، فسيكون هذا التبادل من خلال مذكرات غير رسمية».وجاء تراجع، شمخاني، بعدما وجهت «كيهان»، عبر رئيس تحريرها المتشدد حسين شريعتمداري، انتقادات حادة في عددها الصادر، أمس الأول، لـ«التصريحات غير المدروسة التي تبحث عن سراب».وكان الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، قال بنفسه خلال مقابلة مع التلفزيون الحكومي، بثت الثلاثاء الماضي، إن «البلدين يمكنهما التفاوض مباشرة إذا كانت واشنطن مستعدة لرفع العقوبات الظالمة عن إيران».وتأتي تلك التطورات في وقت جدد مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان، خلال لقائه نظيره الإسرائيلي إيال هولاتا في اجتماع افتراضي، تأكيد بلاده أنها تعد بالتعاون مع شركائها، لـ«خيارات بديلة في حال فشلت الدبلوماسية» بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.وأكد سوليفان، في بيان للبيت الأبيض، عقب لقاء هولاتا التزام بلاده بـ«المسار الدبلوماسي لمنع إيران من الحصول على سلاح ذري».وقال البيان الأميركي، إن الجانبين بحثا خلال اللقاء «أهم التطورات الإقليمية التي جرت عقب آخر اجتماع لمجموعة التشاور الاستراتيجية الأميركية - الإسرائيلية في ديسمبر الماضي، بما في ذلك التقدم في البرنامج النووي الإيراني».واتفق المسؤولان على مواصلة «التنسيق فيما يخص القضايا ذات الاهتمام المشترك»، وشددا على «البقاء متحدين ضد كل التهديدات الأمنية».وأوضح «البيت الأبيض» أن المباحثات، التي حضرها ممثلون بارزون عن وكالات شرطية وعسكرية واستخباراتية، تناولت التدريبات العسكرية المقررة بين البلدين، إضافة إلى «التطورات الإقليمية المهمة».إدانة مغربية
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أمس الأول، رفض المغرب وإدانته لكل «أشكال التدخلات الإيرانية السافرة في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي».وأكد بوريطة، خلال اتصال مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، «إدانة وشجب المغرب استمرار هجمات جماعة الحوثيين ومن يدعمهم على المنشآت المدنية والاقتصادية بكل من السعودية والإمارات».وقال بوريطة، إن المغرب «يعتبر دائماً استقرار وأمن دول الخليج جزءاً لا يتجزأ من أمنه واستقراره، إيماناً منه بما يجمعهما من وحدة المصير، ومن تطابق في وجهات النظر إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك».