نقطة : سيرك
مشى حمدان على الحبل منفرداً ليستجوب وزير الدفاع، فسقط وزير التربية من مقعده لتتحلحل بعدها القضية الإسكانية، كيف لا يحدث مثل هذا والإخوان المسلمون ما زالوا يمارسون أكروباتهم المعتادة والمدربين عليها جيداً، فغضوا الطرف عن "الرأي الشرعي" الأحوط، والتمسوا لأنفسهم تخريجة بقيمة 300 مليون دينار تبرر موقفهم، الذي لا أحد يعلم إن كان مع الوزير بسببها، أم هم معه أساساً، لكنهم كانوا يفتشون عن سبب فقط، في حين أن هناك تساؤلاً آخر لدى الجمهور المشاغب في المقاعد الخلفية عن موقفهم المبدئي و"الشرعي" من الاستجواب والوزير ومستقبله السياسي فيما لو لم تستجب الحكومة لحركتهم المثيرة، وهل يمكن اعتبار ما قاموا به من قبيل الابتزاز المحمود أو الاستهبال المكشوف؟أما الأكثر إثارة وتشويقاً بالموضوع فهو أن الحكومة استحسنت حركة الشقلبة بالفعل، وقررت الانحناء معها، وتوفير المبلغ المعلق منذ شهور خلال ساعات فقط، وإكساب ذوي المرونة أفضالاً مجانية أمام الناس، لتستحق بدورها المساءلة من جهة أخرى عن سبب المماطلة مادام بالإمكان الإسراع، أو ربما عن الاستعجال إن لم يأخذ القرار حقه من الدراسة.وفي المقابل قفز وزير الدفاع حمد بن جابر العلي رائد الانفتاح والنهضة الإعلامية الكويتية، ليتعلق بحبال هيئة الإفتاء لتقصقص بدورها قراره الذي ليته لم يصدره من الأساس عوضاً عن ترسيخ دور مثل هذه الممارسات والمؤسسات في الحياة السياسية، وليكتمل عندها المشهد ويتقرر موقف العديد من النواب الأفاضل الذين انتخبناهم وحصناهم ودفعنا رواتبهم ورواتب سكرتاريتهم الخمسة عشر المبشرين بالراحة من المال العام، بناءً على رأي ذات الهيئة الشرعية التي لم ينتخبها أحد، والتابعة لوزير الأوقاف المتقاعد طبياً والجالس متحاملاً على جراحه في سبيل خدمة الوطن بجانب الوزير المستجوب ومن دون فتوى.
وفق هذا المجرى البهلواني للأمور، فإن الدرس المستفاد أنه إذا أردتم الطيران بالإنجاز التشريعي والرقابي، وتدوير عجلة التنمية القديمة حول نفسها، وتمرير الأسد من حلقة النار، فعليكم في فقرة الاستجوابات المقبلة المنتظر استخراجها من قبعة أي نائب يقرأ ويكتب، مساءلة وزير الداخلية الموقر عن قضية انحدار مستوى التعليم والشهادات المضروبة، أو استجواب وزير الإسكان عن أعمال اللجنة الأولمبية، لعل عنده الإخوان أو غيرهم من المساومين والمهرجين الأفاضل يجدون لنا حلاً بمنتصف الطريق لعجز الميزانية أو العلاج في الخارج أو التضخم، أو أي قضية أخرى، فالمهم العنب وليس الوزير.