لبنان: ردّ ناقص بـ «الشكل والمضمون» على المبادرة الكويتية
تحرُّك لاحتواء عزوف الحريري ولا مقاطعة سنية للانتخابات وعون في دار الفتوى بـ «أوراق محروقة»
قال مراقبون إن الرد اللبناني على المبادرة الكويتية، التي تهدف إلى إعادة الثقة بلبنان خليجياً ودولياً، جاءت ناقصة شكلاً إذ إنها أتت بعد مداولات بين الرؤساء الثلاثة لا بين الحكومة كما هو مفترض دستورياً، ومضموناً لأنها تجنبت الخوص في وضع «حزب الله».
لا يزال لبنان في تداعيات قرار زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري بالعزوف عن الانتخابات، كذلك يترقب اللبنانيون اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يعقد اليوم في الكويت، ويحضر فيه الملف اللبناني بقوة على طاولة المداولات. ترك قرار الحريري آثاراً سياسية كثيرة، وعلى الرغم من الحالة العاطفية العارمة المستاءة من هذا القرار، كان واضحاً أن مساعي جدية بدأت لبلورة تحرك جديد على الساحة السياسية والسنية، خصوصاً من خلال الإعلان عن عدم مقاطعة الانتخابات، الذي يتلاقى عليه كل من الرئيسين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، وخصوصاً بعد اللقاء مع مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان، وكذلك بالنسبة إلى وليد جنبلاط وسمير جعجع اللذين يعتبران أنه لا بد من الاستمرار في خوض المعركة الانتخابية لتغيير التوازنات السياسية القائمة حالياً. وتظهر هذه التحركات أنها محاولة لفتح صفحة جديدة، وتجاوز لمطبات كثيرة فرضها قرار الحريري أمام الجميع، خصوصاً أن حركة ميقاتي والسنيورة مع مفتي الجمهورية سيكون لها تبعات بالمعنى السياسي لعدم ترك الساحة السنية فارغة، هذا الموقف يتلاقى بشكل واضح مع ما أعلنه وليد جنبلاط الذي اعتبر أنه لا يمكن ترك الساحة لـ «حزب الله» وإيران والنظام السوري.
خطوة مفتي الجمهورية بجمع ميقاتي والسنيورة، قابلتها زيارة استثنائية هي الأولى من نوعها لرئيس الجمهورية ميشال عون إلى دار الفتوى قبل ظهر أمس. لم يكن عون ليقرر إجراء مثل هذه الزيارة إنْ لم يكن لديه محاولة لاستمالة السنّة والاستثمار في الخلاف القائم بين جمهور تيار المستقبل والقوات اللبنانية على خلفية الاتهامات التي يوجهها مناصرو الحريري إلى القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع بأنه يتحمل مسؤولية في دفع الحريري إلى قرار العزوف عن الانتخابات. جاءت زيارة عون في توقيت لافت، وهي محاولة واضحة لربط العلاقات مجدداً مع السنة، انطلاقاً من افتراض أن دار الفتوى سيمثل المرجعية السنية في هذه المرحلة، حسابات عون في هذا المجال انتخابية بحتة، ولكن وفق ما تقول مصادر متابعة فإن كل هذه الأوراق محروقة بالنسبة إلى العلاقة بين الطائفة السنية وعون.
وزراء الخارجية العرب
كذلك جاءت زيارة عون لدار الفتوى على مسافة ساعات تفصل عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، وفي وقت كان يغادر فيه وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب إلى الكويت حاملاً الجواب اللبناني على الورقة الخليجية التي سلّمها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد الناصر إلى المسؤولين اللبنانيين الأسبوع الفائت. عمل اللبنانيون على إعداد الردّ بشكل يؤشر إلى الحرص على العلاقات مع دول الخليج وتحسينها والتنسيق الأمني لمكافحة تهريب المخدرات، والالتزام بالنأي بالنفس قولاً وفعلاً، ولكن الورقة اللبنانية لم تلحظ موقفاً واضحاً من القرار 1559، باعتبار أنه لا قدرة لبنانية على تطبيقه مع التأكيد أن لبنان يحترم هذا القرار، ولكنه يحتاج إلى وقت طويل لتطبيقه، خصوصاً أن تطبيقه يمرّ من اتفاق إقليمي ودولي.لكن المشكلة الأساسية في الجواب اللبناني أنه يتم تقديمه بصيغة الاتفاق بين الرؤساء الثلاثة، لأنه لم يتم طرحه على طاولة مجلس الوزراء بسبب رفض «حزب الله» لمناقشة الورقة الخليجية ولا الردّ عليها. وبالتالي يفتقد إلى الطابع المؤسساتي الذي تريده دول الخليج، إذ وفق ما تقول مصادر دبلوماسية متابعة، إن الردّ كان يجب أن يصدر عن الحكومة اللبنانية مجتمعة، لا عن الرؤساء. ولا تتوقع مصادر لبنانية أن يؤدي هذا الجواب إلى حلّ للأزمة اللبنانية الخليجية، وفي حين يقترح لبنان تشكيل لجان مشتركة بمناقشة البنود المختلفة والبحث في كيفية تطبيقها، من غير المعروف بعد كيف سيتم التعاطي الخليجي معها، بينما تقول مصادر متابعة إن الأمر قد يقف عند هذا الحدّ، فيما دول الخليج ستواجه المجتمع الدولي بالقول: «نحن حاولنا مساعدة لبنان لكن اللبنانيين لا يريدون مساعدة أنفسهم».واشنطن تعيد توجيه مساعدات لدعم الجيش
قالت الإدارة الأميركية، في إخطار بعثت به إلى الكونغرس، إنها تعتزم إعادة توجيه 67 مليون دولار من المساعدات العسكرية للقوات المسلحة اللبنانية لدعم أفراد جيش البلاد التي تصارع انهياراً مالياً.وأخطرت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس باعتزامها تغيير محتوى التمويل العسكري الأجنبي المخصص في السابق للبنان ليشمل "دعم سبل العيش" لأفراد الجيش اللبناني قائلة، إن هؤلاء يعملون تحت ضغط الاضطراب الاقتصادي، وكذلك الاضطراب الاجتماعي.وجاء في الإخطار الذي اطلعت عليه "رويترز: "دعم سبل العيش لأفراد (القوات المسلحة) سيقوي استعدادهم العملياتي ويخفف من الغياب (عن الخدمة) وبالتالي يجعل أعضاء القوات المسلحة اللبنانية يتمكنون من مواصلة القيام بالوظائف الأمنية الملقاة على عاتقهم للتصدي لمزيد من تراجع الاستقرار".