إيران وحلفاؤها العراقيون يتبرأون من قصف مطار بغداد
الكاظمي يدعو العالم إلى عدم تقييد السفر والنقل الجوي والسيستاني يرفض الانخراط بين «التيار والإطار»
ضاعفت العملية الجديدة من سلسلة الهجمات المنسوبة للفصائل الموالية لإيران مخاوف انتقال الأزمة السياسية داخل العراق إلى محيطه الخارجي، في وقت تواصل الشرخ داخل البيت الشيعي حول أحقية تشكيل الحكومة الجديدة.وغداة استهدف مطار بغداد الدولي بـ6 صواريخ تسببت لأول مرة في أضرار مادية كبيرة في أحد مدارجه وطائرتين مدنيتين متوقفتين على أرضه، واضطرت الخطوط الكويتية وطيران الجزيرة لوقف رحلاتهما إليه مؤقتاً، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، أمس، أن الهجمات، التي بدأت منذ مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس بضربة أميركية في يناير 2020 خارج مطار بغداد، وتصاعدت منذ حلول ذكراها الثانية، «أعمال مشبوهة تؤدي إلى زعزعة الأمن ونشر الفوضى في العراق».وحذّر زادة من أن هذه الهجمات، التي غالبا ما تنسبها واشنطن إلى الفصائل الموالية لإيران، «توفر السبيل للمناوئين ومثيري الفتنة وتؤثر على خدمات الحكومة»، مشددا على أن «إيران دعمت على الدوام صون أمن العراق وتقدمه وتطوره ونشر الأمن الشامل فيه ووحدة أراضيه، وتدعم إجراءات حكومته».
ولليوم الثاني، نأى، أمس، زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي بالفصائل الموالية لإيران بالوقوف وراء الهجمات على مطار بغداد والمنطقة الخضراء»، قائلا: «ليس لفصائل المقاومة علاقة بالاستهداف»، معتبرا أن «ما يجري مخططات استخبارية تقف خلفها بريطانيا تريد السوء والشر للعراق».وفي وقت سابق، رفض الخزعلي الاتهامات الصريحة والضمنية للقوى الموالية لإيران من دون وجود دليل، مؤكدا أن موضوع استهداف البعثات الدبلوماسية والمطارات والمنشآت ليس مسألة خلافية، بل هي محل اتفاق كل القوى السياسية والوطنية، وفي مقدمتها الإطار التنسيقي، وهناك أجندات تريد خلط الأوراق، خصوصا في هذا التوقيت الحرج».واتهم الخزعلي، الذي يعدّ أبرز رجال إيران في العراق، «قوى وشخصيات سياسية ووسائل إعلامية تريد استغلال هذه الأحداث للتسقيط السياسي وتوجيه الاتهامات بشكل صريح أو ضمني لجهات محددة ومن دون وجود أي دليل، ولا نعتقد أن هذا الأسلوب يصب في خدمة استقرار الوضع وتجاوز الوضع المتأزم في الأصل، بل إنّ کيل هذه الاتهامات يجعل هذه العناوين محل استفهام، وقد يجعل بعضها في دائرة الاتهام بالمسؤولية بشكل مباشر أو غير مباشر».
قيود وعقوبات
في الوقت الذي يسعى العراق لرفع الحظر المفروض على حركة النقل الجوي وعودته بشكل طبيعي وإبعاد مطاراته وخطوطه الوطنية عن أيّ قيود أو عقوبات دولية، انضم «طيران الجزيرة» إلى الخطوط الكويتية في تعليق الرحلات مؤقتاً.واعتبر «الطيران المدني» العراقي أن «الهجوم خرق كبير للسيادة وتعريض لأمن المواطنين للخطر ومزيد من الشكوك بعدم تلبية متطلبات المنظمة الدولية للطيران المدني، مما سيعقّد موقف العراق أمامهم ويتسبب في مزيد من العقوبات والقيود والخسائر المعنوية والمادية».وإذ ندّد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بمحاولة جديدة لتقويض سمعة العراق إقليمياً ودولياً، وتعريض معايير الطيران الدولي للخطر، ونشر أجواء من الشكوك حول الأمن الداخلي، تعهّد بردّ حاسم على هذا النوع من العمليات الخطيرة لأجندات لا تريد للعراق خيراً، داعياً كل الأحزاب والتيارات السياسية إلى التعبير عن رفضها للهجوم.كما دعا الكاظمي، الذي اعترف «بإصرار المجرمين على ضرب أمن شعب العراق، والتزاماته، وإمكاناته، وتعريض مصالحه للخطر»، الدول الصديقة إقليمياً ودولياً إلى عدم وضع قيود للسفر أو النقل الجوي من العراق وإليه.وأعلنت السلطات العراقية توصل الأجهزة الأمنية إلى «خيوط مهمة» لهوية «عصابات اللادولة الإرهابية» المتورطة في قصف مطار بغداد، مبينة أنها عثرت على منصة إطلاق للصواريخ قرب منزل في منطقة أبو غريب فيها 3 صواريخ تم رفع البصمات عنها.مصالح الشعب
وفي ظل الاضطراب السياسي إلى جانب الأمني، حذّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من استهداف مصالح الشعب. وقال في تغريدة: «لا تستهدفوا مصالح الشعب، فالشعب – والوطن – خط - أحمر». وأضاف: «مستمرون بحكومة أغلبية وطنية مع شركائنا في الوطن».وكتب رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، في تغريدة مماثلة «نستنكر الاعتداء الغادر على مطار بغداد واستهداف المنشآت الحيوية والطائرات المدنية، بهدف طعن الجهود الأمنية والخدمية، وإرسال رسالة سلبية إلى العالم عن واقع الخطوط الجوية العراقية وعمل المطارات»، معتبراً أن «مواجهة هذه المحاولات والممارسات الإجرامية مسؤولية الجميع».وفيما وصف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قصف المطار بأنه «استهداف مباشر لسيادة الدولة ومنشآتها وسمعتها»، ودعا إلى العمل «الجاد لإيقاف هذه الممارسات الإرهابية»، قالت رئاسة إقليم كردستان إن «استمرار محاولات زعزعة الأمن والاستقرار تطوّر خطير يجب الحد منه»، لافتة إلى أن «وجود التهديد والمخاطر على أمن المطارات يضرُّ باسم العراق ومكانته».رسالة السيستاني
سياسياً، كشفت قناة العربية، أمس، تقديم الإطار التنسيقي الشيعي شكوى للمرجع الأعلى علي السيستاني بحق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي غادر بغداد فجأة، دون أن يجتمع بهم كما كان مقرراً لحسم الخلافات العالقة، خصوصاً على تسمية رئيس الحكومة، وإبعاد المالكي عن أي منصب تنفيذي.وفي حين أكد المصدر أن المرجع السيستاني رفض تسلّم رسالة الإطار التنسيقي الشيعي حول تشكيل الحكومة، قال الخزعلي، خلال تأبين أقامه المؤتمر الوطني للكورد الفيليين في بغداد أمس: «الإطار التنسيقي أمامه خياران؛ إما مشاركة كاملة في الحكومة أو الانتقال للمعارضة»، مضيفاً: «الإطار حتى وإن صار الكتلة الأكبر لن يمضي بمفرده، إدراكا منه بالمشروع الخارجي، وهو يدرك بوضوح خطورة هذا المشروع الذي يحاك خارج العراق».وفي رد على ما يبدو على الصدر، الذي يرفض وجود المالكي ضمن الكابينة الحكومية الجديدة، قال الخزعلي: «لا نشك بإخلاص القوى السياسية الشيعية المتقاطعة حاليا، ولكن هناك من يبذل الجهود بأساليب متعددة لإثارة الفتن بين الأطراف». ومع تزايد الأزمة، كشف القيادي في تحالف الفتح، علي الفتلاوي، عن إبلاغ الإطار التنسيقي لزعيم التيار الصدري رفضه القاطع للذهاب معه في تحالف شيعي - شيعي خارجه المالكي.وفي وقت سابق، بحث رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، خلال استقباله وفد الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة باڤال طالباني في بغداد، سبل معالجة الانسداد السياسي وضرورة استمرار الحوارات والتفاهمات للوصول إلى نتائج واقعية ومقبولة تعتمد الأطر الدستورية والأعراف السياسية».من جهة أخرى، ترأس النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حاكم الزاملي، أمس، اجتماعاً مع الوزارات والهيئات المختصة لبحث سيَر ذاتية قدّمها 26 مرشحاً لتولي منصب رئاسة الجمهورية، مؤكدا أن غدا الاثنين سيكون موعدا لإعلان الأسماء النهائية».وقال مستشار برلمان إقليم كردستان، طارق جوهر، إن الكتل الكردية لم تحسم موقفها حتى الآن بشأن اختيار شخصية واحدة لتولي الرئاسة، مؤكداً أن كل حزب متمسك بمرشحه، والكرة الآن خرجت من ملعب الكتل الكردية، وأصبح التوافق بين التيار الصدري والكتل المتحالفة معه هو مَن يحسم هذه المسألة.إلى ذلك، انتقد تحالف تقدّم برئاسة محمد الحلبوسي، أمس، منح منصب قائد عمليات ديالى للمكون الشيعي، مؤكدا أنه المنصب الأمني الوحيد للسنّة في المحافظة.واتهم عضو التحالف النائب رعد حميد الدهلكي «الكاظمي بمحاولة لإرضاء الشيعة لتجديد ولايته مرة أخرى»، مشيرا إلى أن «القرى السنيّة تعرّضت للقتل والتهجير إبّان وجود قائد عمليات سني، فكيفما سيكون الوضع وقائد عملياتها من مكوّن غير موجود».