أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني عصام الصقر، أن البيئة التشغيلية في الكويت قد تحسنت خلال النصف الثاني من العام الماضي، مما انعكس على زيادة الإنفاق الاستهلاكي، وتحسن النشاط التجاري نتيجة تخفيف القيود، وتحسن الوضع المالي للحكومة بسبب ارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي بدوره دعم تحقيق نمو قوي بمحفظة القروض بارتفاع سنوي 12.7 في المئة، وعزز نمو صافي الإيرادات التشغيلية 7.6 في المئة على أساس سنوي، لافتا إلى أن ذلك تزامن مع انخفاض المخصصات وسط تحسن البيئة التشغيلية وعودة الحياة لطبيعتها إذ «قمنا بإعادة تصنيف بعض القروض إلى منتظمة مرة أخرى».وأضاف الصقر، خلال مقابلة أجراها مع قناة سي إن بي سي عربية: أن «تلك العوامل انعكست على نمو أرباحنا السنوية 47 في المئة ونتيجة لقوة مركزنا المالي وقدرتنا على توليد أرباح من الأنشطة التشغيلية، أوصى مجلس الإدارة بزيادة التوزيعات النقدية 50 في المئة مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 30 فلسا نقداً للسهم، مما يؤكد حرصنا على تعظيم القيمة المضافة للمساهمين».
مرحلة رقمية جديدة
ورداً على سؤال حول إطلاق «وياي» كأول بنك رقمي في الكويت، قال الصقر: «إطلاق وياي كأول بنك رقمي في الكويت بداية لمرحلة جديدة في رحلتنا الرقمية ستزيد خلالها استثماراتنا في تطوير منصاتنا الرقمية، ويزيد اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي في كل عملياتنا التشغيلية».وأوضح أن «وياي» يمثل محطة مهمة في رحلة الوطني للتحول الرقمي كمنصة تدعم ريادة البنك في السوق الكويتي من خلال استهداف شريحة الشباب، خصوصا أن أعمار ثلثي الكويتيين أقل من 34 عاماً.وأشار إلى أن «الوطني» وضع منذ سنوات خريطة طريق للتحول الرقمي، وتم تخصيص الاستثمارات اللازمة لتشييد بنية تحتية ضخمة ساهمت في التفوق الرقمي للبنك، وتقديم الخدمات وحلول الدفع الرقمية الرائدة.وعن المنافسة مع شركات الـ Fintech والحاجة لإطار قانوني ينظم أعمالها، أكد الصقر أن بنك الكويت المركزي بادر إلى إطلاق إطار تنظيمي لبيئة رقابية تجريبية تسمح باختبار الخدمات والمنتجات المصرفية المبتكرة لشركات التكنولوجيا المالية، كما وضع البنك قواعد لتنظيم المدفوعات الإلكترونية. ولفت إلى ما حققته البنوك الكويتية من تقدم كبير بتقديم الخدمات وحلول الدفع الرقمية. وعلى صعيد استراتيجية «الوطني» في ذلك الصدد، قال الصقر: «استراتيجيتنا تهدف لبناء شراكة مع شركات Fintech حيث تستفيد من البنية التحتية التكنولوجية الضخمة، في المقابل نستفيد من منصاتهم في ابتكار منتجات مصرفية متطورة تساهم في مواكبة التغير المستمر في سلوك العملاء بشكل أفضل. وفي ذلك الإطار، أطلقنا أول مختبر رقمي في الكويت يمثل حاضنة ومركزا للتعاون بين البنك والموهوبين من الأفراد وشركات التكنولوجيا المالية الناشئة».مشهد مصرفي متغير
وعن التغيرات التي يشهدها القطاع المصرفي بعد عامين من الجائحة، أكد أن الصناعة المصرفية تشهد تغيرات من قبل الجائحة ترتبط في الغالب بالتطور التكنولوجي، وأن الجائحة جاءت لتسرع من وتيرة تلك التغيرات، إذ زاد إقبال العملاء على القنوات الرقمية، ومن المتوقع أن تصبح المعاملات الرقمية ثقافة لدى العملاء تستمر بعد الجائحة، ولذلك سارعت البنوك لمواكبة تلك التغيرات، وتطوير قنواتها الرقمية، والإنفاق على الإسراع بالتحول الرقمي.وبشأن مواكبة «الوطني» لتلك التغيرات، قال: «استبقنا التغيرات، وكنا مستعدين من خلال بنية تحتية تكنولوجية ضخمة وقنوات رقمية جاهزة لتلبية كل احتياجات عملائنا، فقد تم تنفيذ أكثر من 90 في المئة من عملياتنا المصرفية عن طريق خدمة الوطني عبر الموبايل، وخدمة الوطني عبر الإنترنت في عام 2021، كما زاد عدد العمليات التي تمت عبر الموبايل بنسبة 30 في المئة».البنوك أصبحت أقوى
وذكر أن البنوك أصبحت أقوى بكثير من ذي قبل، رغم حدة التداعيات الاقتصادية لأزمة «كورونا» التي تزامنت مع انخفاض حاد بأسعار النفط، لكن البنوك دخلت الأزمة وهي تتمتع بمستويات رسملة وجودة أصول قوية بفضل توجهات «المركزي» المتحفظة في إدارة المخاطر، وبناء المخصصات على مدار سنوات من بعد أزمة 2008. وأشار إلى نجاح البنوك في توفير الائتمان اللازم لسد احتياجات كل القطاعات الاقتصادية في مواجهة تداعيات الجائحة بدعم من تخفيف «المركزي» للمتطلبات الرقابية التي وفرت السيولة اللازمة، كما دعمت البنوك كل مبادرات الحكومة والمجتمع المدني و«المركزي» في مكافحة تداعيات انتشار الوباء من تأجيل أقساط القروض والشركات ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.التوسع عملية مستمرة
وعن احتمالات توسّع «الوطني» بعد انتهاء الأزمة، قال الصقر: «توسعنا لا يتوقف، حيث نركز باستمرار على التوسع في أعمالنا داخل الأسواق الرئيسية التي نعمل بها، وخاصة المصري والسعودي، بهدف تكامل ما نقدّمه من خدمات، ونعتمد على تفوقنا الرقمي في تعزيز حصتنا السوقية محلياً ودولياً واختراق كل قطاعات الأعمال في الأسواق التي نعمل بها».وأضاف: «نستهدف التوسع في أنشطة إدارة الثروات بكل أسواق المجموعة عن طريق الجمع بين الخدمات المصرفية الخاصة ومنتجات وخدمات (الوطني للاستثمار)، تحت قيادة واحدة، كما نعمد إلى تطوير منتجات إدارة الثروات بزيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والرقمنة».قوانين ضرورية
وأبدى الصقر تفاؤله بالهدوء الذي تشهده الساحة السياسية، ونجاح الحوار الوطني والتعاون بين الحكومة ومجلس الأمة، مما يزيد من احتمال تمرير القوانين التي وضعتها الحكومة على رأس أجندتها التشريعية، وفي مقدمتها الدَّين العام والرهن العقاري.وأكد أن الكويت تعاني عجزا في الموازنة منذ 7 سنوات، في الوقت الذي لم تعد سيولة صندوق الاحتياطي العام كافية لسد هذا العجز، كما أن السحب من صندوق الأجيال غير مجد اقتصادياً. وقال: «لا بدّ من إقرار قانون الدّين العام، حتى لو تحسنت أسعار النفط، لأنه يمثل آلية تمويل يمكن اللجوء إليها، وعدم وجودها يهدد بخفض التصنيف الائتماني ويرفع تكلفة الاقتراض في المستقبل».كما شدد على ضرورة تزامن إقرار قانون الدين العام مع الإسراع نحو تطبيق إصلاح مالي لتفادي استمرار العجز المالي في الأجل الطويل.وبيّن أن الكويت مازالت واحدة من الدول القليلة على مستوى العالم التي لا تملك قانوناً للرهن العقاري، وأن هناك حاجة إلى وجود آلية تمويل جديدة، خاصة أن التركيبة السكانية أغلبها من الشباب، مما يزيد الطلب على الإسكان.وقال: «البنوك ستكون مستفيداً رئيسياً من إقرار قانون الرهن العقاري، ونتوقع أن يكون هناك طلب كبير على المنتجات المصرفية الجديدة التي ستطلقها البنوك في ذلك الوقت».نهج جديد للاستدامة
وأوضح الصقر أن المؤسسات بشكل عام تواجه تحديات بشأن تطبيق معايير الاستدامة، خاصة في ظل عدم وجود إطار ومعايير واضحة تمثّل أهدافا تحتاج إلى تحقيقها، لكنّ الوضع في البنوك أصعب لارتباط تطبيق معايير الاستدامة لديها بكل القطاعات الاقتصادية التي ترتبط بأنشطة مع البنوك من مقترضين ومورّدين وغيرهم. وقال إن «تطبيق معايير الاستدامة في البنوك امتد للأنشطة التمويلية وتأثيرها على البيئة، وأصبحنا نحتاج إلى تحديث نهجنا ليتضمن تأثير ما تقدّمه البنوك من تمويلات».وأضاف: في «الوطني» كنّا من أولى مؤسسات المنطقة التي اهتمت بتطبيق معايير الاستدامة، وخاصة على صعيد مسؤوليتنا الاجتماعية تجاه الشباب، حيث كان لنا دور كبير في تمكين الشباب وتطوير مهاراتهم من خلال إطلاق برامج تدريب بالتعاون مع مؤسسات رائدة، مثل برنامج «تمكن»، وكذلك برامج التأهيل الوظيفي لطلبة الجامعات.وختم: نبدأ الآن مرحلة جديدة في تطبيق معايير الاستدامة، حيث ندمجها في جميع عملياتنا التشغيلية، ونجعلها ركيزة أساسية في الخطط والاستراتيجيات كافة.