بينما يسعى حلف شمال الأطلسي (ناتو) للوقوف صفاً واحداً بين دوله في الأزمة الأوكرانية، «خرق» رئيس الوزراء المجري المحافظ فيكتور أوربان هذه الوحدة بعدما اجتمع أمس، في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في وقت زار كلّ من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والبولندي ماتيوش مورافسكي كييف، لتأكيد دعمهما لها.في غضون ذلك، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الى أن ثمة 3 مسؤولين أمنيين روس متشددين من «الصقور» يتبنّون «قيماً تقليدية ومحافظة» ويسعون إلى استعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفياتي، في الدائرة المقرّبة من بوتين، وقد يؤدون دوراً بارزاً في قرار محتمل أن يتخذه بغزو أوكرانيا.
«الصقور الـ 3»
وفي تقرير نشرته أمس الأول، أكدت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن هؤلاء هم: مستشار الأمن القومي نيكولاي باتروشيف، الذي أدرج «رُهاب روسيا في أوكرانيا ضمن حملة دعاية غربية تعود إلى حقبة نسّاخ أوروبيين حسودين لطّخوا سمعة إيفان الرهيب»، وهو أمير لموسكو بين عامَي 1533 و1547، وأول حاكم للمدينة أعلن نفسه قيصراً لكل روسيا، بين عامَي 1547 و1584. وزاد باتروشيف: «لم يعجبهم أن القيصر الروسي لم يعترف بقيادتهم السياسية والأخلاقية».وفي إشارة إلى القيم الغربية «الأجنبية»، قال باتروشيف خلال سبتمبر الماضي، «يتم تغيير اسم الأب والأم إلى الوالد الأول والثاني. يريدون منح الأطفال الحق في تحديد جنسهم، وفي بعض الأماكن بلغوا درجة تشريع الزواج من حيوانات».أما الشخصية الثانية، فهو رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية، سيرغي ناريشكين الذي يعتبر المعركة بشأن التاريخ «أولوية».وقال ناريشكين الشهر الماضي، في إشارة إلى أوكرانيا «إن نوعاً من آلة الزمن يعيدنا إلى أسوأ سنوات احتلال هتلر». وخلال افتتاحه معرضاً في موسكو بعنوان «انتهاكات حقوق الإنسان في أوكرانيا»، وصف ناريشكين الحكومة الموالية للغرب في كييف بأنها «دكتاتورية حقيقية».أما الصقر الثالث الذي تحدّثت عنه «نيويورك تايمز»، فهو وزير الدفاع سيرغي شويغو الذي يدفع باتجاه، تعزيز انخراط الدولة في الاقتصاد، خصوصاً من خلال تشييد مدن جديدة في سيبيريا. ووصف شويغو الشهر الماضي القوميين الأوكرانيين اليمنيين بأنهم «ليسوا بشراً».حركة دبلوماسية وحرب كلامية
وبعد اتصال هاتفي حاسم، أمس، بين وزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرغي لافروف، بحثا خلاله كيفية المضي قدماً في التعامل مع الأزمة الأوكرانية العالية الخطورة، عاد دور التبادل الشفهي بين الدولتين، إذ نفى نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو المعلومات التي تحدثت عن تسليم بلاده رداً خطياً إلى الولايات المتحدة على المقترحات الخاصة بالضمانات الأمنية، التي أرسلتها واشنطن في وقت سابق.وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت مساء أمس الأول، أن واشنطن تلقّت رداً مكتوباً من روسيا على مقترحاتها، لكنها لم تكشف مضمونها. يأتي ذلك خلال مواجهة في مجلس الأمن بين واشنطن وموسكو التي رأى سفيرها لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أنّ أميركا تريد «خلق حالة من الهستيريا وخداع المجتمع الدولي باتّهامات لا أساس لها عن وجود أكثر من 100 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية».وردّت نظيرته الأميركية ليندا توماس غرينفيلد بأنّ نشر أكثر من 100 ألف جندي روسي على الحدود مع أوكرانيا يبرّر عقد الاجتماع»، مضيفة أن «موسكو تنشر في الأساس 5 آلاف جندي في بيلاروسيا، وتنوي توسيع هذا الوجود ليشمل أكثر من 30 ألف جندي قرب الحدود مع أوكرانيا بحلول مطلع فبراير الجاري»، مشيرة إلى أن «هذه القوات ستكون على بعد أقل من ساعتين عن شمال كييف». وبعد ساعات على السجال في مجلس الأمن، حضّت الولايات المتحدة عائلات الموظفين الحكوميين في بيلاروسيا على مغادرة البلاد.«الخيار النووي»
وفي تصريح أدلى به في البيت الأبيض توعّد الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس الأول، روسيا بعواقب قاسية وخطيرة إن أقدمت على غزو أوكرانيا. وأضاف أن واشنطن وحلفاءها يواصلون الاستعداد لأي سيناريو ستقدم عليه روسيا في أوكرانيا، مشيراً إلى أن العالم يجب أن يكون مستعداً للرد على أي خطوات تقوم بها روسيا.وتقول إدارة بايدن إن جميع الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة، مما يشير إلى أنها قد تفرض مجموعة من العقوبات على المؤسسات المالية الروسية وقيوداً جديدة على صادرات المنتجات الأميركية. وعندما يتعلق الأمر بإلحاق الضرر باقتصاد روسيا، فإن السؤال الأكبر الذي يدور بين خبراء العقوبات هو مصير نظام «سويفت».وفي دوائر العقوبات، يوصف تحرك الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لعزل البنوك في روسيا عن نظام «سويفت» العالمي للمدفوعات بـ»الخيار النووي».البنتاغون
من ناحيته، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن الوزارة تجري مناقشات نشطة مع حلفاء في شرق أوروبا بشأن نشر محتمل لقوات أميركية على الجانب الشرقي للـ «ناتو».وقال، إن أي قرارات بشأن تحركات لقوات جديدة ستكون بمعزل عن القوات البالغ قوامها 8500 جندي في أميركا التي وضعت في حالة تأهب الأسبوع الماضي من أجل تعزيز محتمل لقوة الرد السريع التابعة لحلف الأطلسي.خرق الصف الأوروبي
وبينما يسعى الأوروبيون إلى ألّا تتجاوزهم الجهود الدبلوماسية التي تقودها واشنطن، استقبل الرئيس الروسي أمس، رئيس الوزراء المجري، ليكون الاجتماع أول لقاء مباشر بين الرئيس الروسي وقائد دولة عضو في «ناتو» منذ تصاعد التوتر بين روسيا والغرب.وأعلن الكرملين أن الزعيمين ناقشا التجارة والطاقة إلى جانب «المشاكل القائمة حاليا والمتمثلة بضمان أمن أوروبا».وقال أوربان إنه لا أحد من زعماء الاتحاد الأوروبي يريد اندلاع حرب، مضيفاً خلال لقاء بوتين في موسكو: «إن زيارتي اليوم هي جزئيا بعثة للسلام. وأريد أن أؤكد أنه لا أحد من زعماء الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء يريد حدوث حروب ونزاعات. نؤيد الحلول السياسية والاتفاقات ذات المنفعة المتبادلة».وبعد اتصال هاتفي بينهما هو الرابع من نوعه الشهر الماضي، أعلن بيسكوف،أمس، أن اللقاء وجهًا لوجه بين الرئيس الروسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يُعقد قريبا.من ناحيته، شدّد رئيس الوزراء الايطالي ماريو دراغي خلال اتصال هاتفي مع بوتين، أمس، «على أهمية الالتزام بخفض تصعيد التوترات نظرًا إلى التداعيات الخطيرة التي قد يتسبب بها تفاقم الأزمة».بوتين بدوره أكد لدراغي استعداد روسيا لضمان إمدادات مستقرة من الغاز الطبيعي الروسي لإيطاليا. في المقابل، زار رئيسا الحكومة البريطانية والبولندية كييف حيث التقيا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وأكّدا دعمهما له، في وقت يأمل جونسون بلقاء بوتين هذا الأسبوع.وفي كلمة أمام برلمان بلاده، قال زيلينسكي، أمس، إن أوكرانيا ستزيد حجم قواتها المسلحة 100 ألف جندي خلال الثلاث سنوات القادمة، مشدّداً على أن الدعم العسكري والدبلوماسي الغربي لبلاده بلغ أعلى مستوى له منذ ضمّت موسكو شبه جزيرة القرم في 2014.وأعلنت أوكرانيا، أمس، أنها تلقّت نحو 500 طنّ من الذخائر والمعدّات العسكرية من الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة.