ولد موهانداس كارماشاند غاندي سنة 1869، وحسب "هستوري"، فإنه لم يكن طالباً متميزاً، لكنه سنحت له فرصة دراسة القانون بإنكلترا. وعندما عاد للهند ولم يجد عملاً، سافر إلى جنوب إفريقيا التي عايش فيها التمييز العنصري في أعلى ألوانه، ويتذكر لحظة اكتشافه تلك الحقيقة عندما تم قذفه من مقعده إلى خارج القطار.

منذ ذلك الحين قرر العمل مناهضاً للتمييز، وبقي بجنوب إفريقيا مؤسساً حملة المطالبة بإنهاء التمييز، فكان أن قاد عصياناً مدنياً جماهيرياً، حقق نجاحاً جزئياً، وما إن عاد إلى الهند عام 1914، حتى دعا إلى العصيان المدني ضد الاحتلال البريطاني، لفرضهم التجنيد الإجباري على الهنود، وقد تجاوب مع دعوته مئات الآلاف، حتى صار قائداً للحراك الهندي نحو الاستقلال عن بريطانيا، فشكّل المؤتمر الهندي الوطني، داعياً إلى مقاطعة البضائع والخدمات والمؤسسات البريطانية، إلى أن تم حبسه.

Ad

وبعد الإفراج عنه عام 194، نظّم حملة صيام مفتوحة احتجاجاً على أعمال العنف بين الهندوس والمسلمين. وفي عام 1930 قاد حملة جماهيرية ضد ضريبة الملح البريطانية الضارة بالفقراء، فكانت أكثر حملاته شهرة "مسيرة الملح"، حيث توجّه المحتجون إلى بحر العرب، للحصول على الملح، فتم اعتقاله مع 60 ألف شخص، وقد منحه ذلك سمعة ودعماً دولياً.

وبعد الإفراج عنه عام 1931، تمت دعوته لمفاوضات المائدة المستديرة حول الهند بلندن، كممثل رئيسي لحزب المؤتمر الهندي، فما لبث أن خرج من الحزب عام 1934، ليركّز بمناشط اقتصادية لمساعدة الفقراء، تاركاً الحزب لتلميذه جواهرلال نهرو.

ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، أعلن استعداده لدعم بريطانيا مقابل حصول الهند على استقلالها، إلا أنّ بريطانيا رفضت ذلك، واتجهت لتقسيم الهند إلى دولتين بين الهندوس والمسلمين، فما كان منه إلّا أن طالب بالانسحاب البريطاني الكامل، وتم حبسه مع قيادات هندية أخرى حتى عام 1944.

وفي 1945 جاءت حكومة جديدة في بريطانيا وبدأت المفاوضات، وكان توجه غاندي قيام هند موحدة، أما بريطانيا فذهبت لتأسيس دولتين؛ الهند وباكستان، وهكذا كان، وفي بداية السبعينيات انقسمت باكستان لتظهر بنغلادش.

وفي تلك الحقبة الصعبة أصيب غاندي بإحباط شديد لأعمال العنف بين المسلمين والهندوس أثناء التقسيم، وفي 30 يناير قام متطرف هندوسي يدعى ناثورام غوديس، باغتيال غاندي، احتجاجاً على تسامحه مع المسلمين ودعوته إلى التعايش معهم.

ظلت حركة غاندي في العصيان السلمي تؤثر على العالم، وصارت قدوة للكثيرين من دعاة الحراك السلمي للتغيير، مثل مارتن لوثر كنغ في أميركا، الذي تم اغتياله هو الآخر على يد متطرّف آخر، فالتطرف لا دين له.

● أ. د. غانم النجار