أوكرانيا تدعو الغرب إلى الحفاظ على الهدوء
مع استمرار الحشد العسكري الروسي بالقرب من الحدود الأوكرانية، يحذّر المسؤولون الأميركيون من حصول هجوم روسي "وشيك" ضد أوكرانيا، لكن يستعمل المسؤولون الأوكرانيون نبرة مختلفة بالكامل لمنع انتشار الهلع وحماية اقتصاد البلد الناشئ.تكلم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام الصحافيين يوم الجمعة الماضي، فعبّر عن خيبته بالقادة الأجانب لأنهم يحذرون من حصول هجوم روسي في أي لحظة، مما يعني نشر الهلع في السوق والقطاع المالي.بعد خوض الحرب مع روسيا وعملائها في إقليم "دونباس" طوال ثماني سنوات تقريباً وسقوط 14 ألف ضحية، يدرك الأوكرانيون حقيقة القدرات الروسية ويستعد الجيش الأوكراني للأسوأ، كذلك اعتاد السياسيون وعامة الناس في أوكرانيا على العيش تحت التهديد الروسي، وتعليقاً على الموضوع، قال زيلينسكي يوم الجمعة: "نحن ممتنون لجميع المساعدات، لكننا تعلمنا أن نتعايش مع هذا الوضع ونتقدم رغم كل شيء، لقد تعلمنا أن نحمي بلدنا وندافع عن أنفسنا، ونحن من نتولى تقرير مصيرنا".
يبدو الاختلاف في المواقف قوياً، فقد حاولت الولايات المتحدة حشد جبهة موحدة في وجه أي هجوم روسي محتمل، أما المسؤولون الأوكرانيون الذين يواجهون أكثر من مئة ألف جندي روسي على حدودهم، فهم يحذرون من الهلع المفرط، وفي الأسبوع الماضي، بعدما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية تخطيطها لإجلاء عائلات الدبلوماسيين الأميركيين العاملين في كييف، اعتبر أوليغ نيكولينكو، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، هذه الخطوة "سابقة لأوانها" وتجسيداً "للحذر المفرط".يحاول المسؤولون الأوكرانيون في الفترة الأخيرة إقامة توازن حذر عبر الاستعداد لأي هجوم روسي محتمل لكن من دون تأجيج مشاعر الهلع.تقول جوليا فريدريش، خبيرة في ديناميات الأمن في روسيا وأوكرانيا ومحللة في مركز "رازومكوف" في كييف اليوم: "من الواضح أن الغرب شغّل حالة الهلع قبل أوكرانيا، ويبدو أن الأوكرانيين معتادون على مواجهة احتمال الغزو، لكن نظراً إلى تاريخ أوكرانيا، لا سيما التجربة الأخيرة المرتبطة بضم شبه جزيرة القرم، يفضّل الناس انتظار ما ستؤول إليه الأمور". كان زيلينسكي كوميدياً في السابق، ولم يشغل أي منصب رسمي قبل وصوله إلى سدة الرئاسة في عام 2019، ويُعتبر أعضاء فريقه مبتدئين نسبياً في عالم السياسة والدبلوماسية المحفوف بالمخاطر، فقد واجه الرئيس الأوكراني المبتدئ عاصفة من الانتقادات في عام 2019 حين تورّط عن غير قصد في ملف عزل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي اتُّهِم باستعمال المساعدات العسكرية المعدّة لأوكرانيا لتحقيق أهداف سياسية خاصة به.تقول ميليندا هارينغ، نائبة مدير مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي: "تكثر الشكوك تجاه الولايات المتحدة بعد كل ما حصل مع ترامب، ولا أظن أن العلاقة بين الطرفَين تحسّنت بالكامل".يدرك الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار المسؤولين في فريقه طبيعة التحديات التي تواجهها أوكرانيا، فقد كان عدد كبير منهم في السلطة خلال الغزو الروسي في عام 2014، ولكن توترت العلاقة الثنائية حين قررت واشنطن عدم استعمال العقوبات لوقف مشروع خط الأنابيب الروسي "نورد ستريم 2" الذي يهدف بكل وضوح إلى تجاوز أوكرانيا ومتابعة إيصال مصادر الطاقة الروسية إلى أوروبا.برأي مسؤول مساعِد في الكونغرس تكلم بشرط عدم الإفصاح عن هويته، تثبت مطالبة أوكرانيا بهذا الكم من المساعدات العسكرية أنها تدرك خطورة التهديدات المطروحة: "لقد اعتاد سكان أوكرانيا على هذا الوضع منذ وقت طويل، ويتعامل المسؤولون مع هذه التطورات بجدية فائقة لدرجة أن يعبّروا عن قلقهم أمام الشعب حين تبرز آثار تراكمية حقيقية أو أي عواقب محتملة، بغض النظر عن وضع الاقتصاد".