أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أمس، أنه سيتم إرسال قوات من قاعدة فورت براغ بولاية كارولاينا الشمالية إلى بولندا وألمانيا، في حين سيُنقل 1000 عسكري آخرون متمركزون في ألمانيا، إلى رومانيا، في إطار الاستعدادات لأيّ غزو روسي محتمل لأوكرانيا.

وقال مسؤولون أميركيون لشبكة CNN، أمس، إن "عملية نشر القوات هي لإظهار الدعم لحلفائنا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذين يشعرون بالتهديد من التحركات العسكرية الروسية قرب أوكرانيا"، موضحين أن "عمليات النشر ستشمل نحو 2000 جندي أميركي في بولندا وبضعة آلاف إضافية إلى دول جنوب شرق الناتو، بما في ذلك رومانيا".

Ad

وأعلن "البنتاغون"، أمس، أن "الآلاف من القوات الأميركية الإضافية ستنتشر في مواقع متقدمة في أوروبا"، مشيراً إلى أن "بايدن وضع 8500 جندي في الولايات المتحدة في حال تأهب قصوى في حال استدعاء قوة استجابة تابعة لحلف شمال الأطلسي وكانت هناك حاجة إلى القوات الأميركية بسرعة"، مشيراً إلى أن "تحركات قواتنا ليست دائمة إنما استجابة للظروف الحالية، وسنعدّل وضعنا مع تطوّر الظروف".

وتابع أن "بعض القوات التي سيتم نشرها قريباً تتمركز بالفعل في أوروبا، في حين أن البعض الآخر سيأتي من الولايات المتحدة والتي هي موضوعة في حالة تأهب قصوى".

كما دعا "البنتاغون" روسيا لتخفيف التصعيد، مؤكداً أن "لديها القدرة على غزو أوكرانيا وسنتخذ كل التدابير لحماية قواتنا وحماية حلفائنا"، مشدّداً من ناحية أخرى "على وجود مسار دبلوماسي لحل الأزمة مع روسيا".

إلى ذلك وفي أقوى رد منها على تمسّكها بضماناتها الأمنية التي طلبتها من الغرب، أكدت روسيا أن "الأمن، إما واحد للجميع، أو لا يكون هناك أمن لأي أحد".

ونشرت وزارة الخارجية الروسية، أمس، نص رسالة بعثها وزيرها سيرغي لافروف إلى وزراء خارجية أميركا وكندا وعدد من الدول الأوروبية حول عدم جواز تجزئة الأمن.

وقال لافروف: "تعلمون جيدا أن روسيا قلقة للغاية من تنامي التوتر السياسي - العسكري في الجوار المباشر لحدودها الغربية، ومن أجل منع المزيد من التصعيد، قدّم الجانب الروسي في 15 ديسمبر الماضي مسودتين لوثيقتين قانونيتين دوليتين مترابطتين هما معاهدة بين روسيا والولايات المتحدة بشأن الضمانات الأمنية، واتفاقية حول إجراءات ضمان أمن روسيا والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لكن ردود واشنطن و"ناتو" على مقترحاتنا الواردة في 26 يناير 2022 تدلّ على وجود اختلافات كبيرة في فهم مبدأ الأمن المتكافئ وغير القابل للتجزئة الذي يعد أمرا أساسيا لهيكل الأمن الأوروبي بأكمله، ونرى أنه من الضروري توضيح هذا الموضوع الحاسم من وجهة نظر آفاق الحوار ومستقبله اللاحق".

وأضاف: "تمت في ميثاق الأمن الأوروبي، الذي جرى توقيعه في قمة منظمة الأمن والتعاون بأوروبا بأسطنبول في نوفمبر 1999، صياغة الحقوق والالتزامات الأساسية للدول الأعضاء في المنظمة فيما يتعلّق بعدم قابلية الأمن للتجزئة، وتم تأكيد حق كل دولة مشاركة في اختيار أو تغيير طريقة ضمان أمنها بحريّة، بما في ذلك المعاهدات التحالفية خلال تطورها، وكذلك حقها في الحياد".

وقال لافروف: "وفي الفقرة نفسها من الميثاق، تمت الإشارة بشكل مباشر إلى التزام كل دولة بعدم تعزيز أمنها على حساب أمن الآخرين، وجاء أيضا، أنه لا يجوز منح أي دولة أو مجموعة دول أو منظمة، المسؤولية الأساسية عن الحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة منظمة الأمن والتعاون بأوروبا أو اعتبار أي جزء منها كمجال لنفوذها".

وتابع: "وفي قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بأستانا في ديسمبر 2010، وافق قادة بلداننا على إعلان يؤكد تثبيت هذه الحزمة الشاملة من الالتزامات المترابطة فيما بينها. لكنّ الدول الغربية، تستمر في اختيار البنود الملائمة لها في هذه الحزمة واقتلاعها من سياقها العام، وبالذات حق الدول الحر في اختيار التحالفات لضمان أمنها حصريا".

وقال لافروف: "في الوقت ذاته، ومع تصاعد الأمور، يتم بشكل خجول تجاهل بند أساسي، هو عدم قابلية الأمن للتجزئة، أي ضرورة ابتعاد التحالفات العسكرية عن الوظيفة الأولى لها، أي الردع، ودمجها وتكاملها في البنية العامة الأوروبية على أساس جماعي مشترك، وليس على أساس مجموعات ضيقة".

وأوضح أنه "يتم تفسير مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة بشكل انتقائي لتبرير المسار المتخذ في مجال التوسع غير المسؤول لـ "ناتو".

كما أن العواصم الغربية تحاول كذلك تجاهل إحدى الوثائق الرئيسية للمنظمة، التي تنص صراحة على أنه عند اختيار طرق لضمان الأمن، بما في ذلك العضوية في التحالفات، ستأخذ هذه الدول في الاعتبار المصالح المشروعة لأمن الدول الأخرى".

واعتبر لافروف أنه "لا يجوز أن تسير الأمور بهذا الشكل، إذ يكمن معنى الاتفاقات المتعلقة بعدم قابلية الأمن للتجزئة في أن الأمن، إما واحد للجميع، أو لا يكون هنا أي أمن لأي أحد.

وكما هو منصوص عليه في ميثاق إسطنبول، تتمتع كل دولة مشاركة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بحق متساوٍ في الأمن، لا يجوز لأعضاء الناتو تفسير هذا الحق بأنه حصري ويشمل فقط أعضاء الحلف".

دعم صيني

إلى ذلك، أكد الناطق باسم "الكرملين"، ديميتري بيسكوف، أن "الصين تدعم مطالب روسيا الأمنية من الغرب".

وكان بوتين قد اتهم، في أول تصريح علني له منذ أسابيع بشأن الأزمة مع أوكرانيا، الولايات المتّحدة بتجاهل مخاوف بلاده الأمنية وباستخدام أوكرانيا "أداة" لجرّ موسكو إلى "نزاع مسلّح"، مبدياً في الوقت نفسه أمله في التوصّل إلى "حلّ" للأزمة الراهنة بين روسيا والغرب.

وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان للقناة الثانية في التلفزيون الفرنسي، أمس، إنه ليس هناك دلائل في هذه المرحلة تشير إلى أن روسيا مستعدة للتحرك في أوكرانيا. وأضاف أن "الوضع جدّي للغاية. يوجد عشرات الآلاف من الجنود الروس قرب الحدود الأوكرانية. ويتوقع إجراء مناورات عسكرية بمشاركة قوات روسية وبيلاروسية قرب الحدود الأوكرانية. وهناك كل الظروف للهجوم، لكن لا توجد لدينا حتى الآن أي معلومات حول رغبة الرئيس بوتين في الانتقال إلى الأفعال".

محادثات أميركية - تركية

في غضون ذلك، أكد البيت الأبيض أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان وكبير مستشاري الرئيس التركي، إبراهيم كالين، ناقشا، أمس الأول، التزام البلدين بـ "ردع أي عدوان روسي على أوكرانيا".

وذكرت قناة تي. آر. تي خبر التركية، أن كالين أبلغ سوليفان بأن تركيا ستقدم "كل أشكال الدعم" لحل الأزمة الأوكرانية، وأن زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى كييف اليوم "ستسهم في حل الأزمة عن طريق الدبلوماسية".

قواعد «ناتو»

من ناحية أخرى، ذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية للأنباء، أن الولايات المتحدة أبلغت روسيا باستعدادها لمناقشة منح "الكرملين" طريقة للتحقق من عدم وجود صواريخ "توماهوك" بقواعد "ناتو" في رومانيا وبولندا، إذا كانت روسيا مستعدة لتبادل معلومات مماثلة بشأن صواريخ في قواعد روسية معيّنة.

وأشارت المصادر إلى أن الاقتراح الأميركي "يهدف إلى تهدئة مخاوف موسكو بشأن إمكانية استخدام منصات الإطلاق لاستهداف روسيا".