بعد سلسلة اعتداءات حوثية تضمنت هجوماً غير مسبوق على مخزن للوقود قرب مطار أبوظبي أودى بحياة ثلاثة أشخاص، قرّرت الولايات المتحدة إرسال طائرات مقاتلة ومدمّرة تحمل صواريخ موجّهة، إلى أبوظبي لمساعدة الإمارات في التصدي لهجمات متمردي جماعة «أنصار الله» الحوثية اليمنية.

وأفادت البعثة الأميركية في الدولة الخليجية في بيان، أمس، بأنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وولي عهد أبوظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة محمد بن زايد بحثا، خلال اتصال هاتفي، «مجموعة من الإجراءات التي تتخذها وزارة الدفاع لدعم الإمارات». ويشمل ذلك «إرسال المدمرة حاملة الصواريخ الموجهة للبحرية الأميركية، يو إس إس كول، للتعاون مع البحرية الإماراتية قبل التوقف في ميناء في أبوظبي».

Ad

وأبلغ الوزير بن زايد بـ«قراره نشر طائرات مقاتلة من الجيل الخامس لمساعدة الإمارات في مواجهة التهديد الحالي وكإشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الإمارات كشريك استراتيجي طويل الأمد». ويشمل التعاون كذلك «الاستمرار في تقديم معلومات استخباراتية للإنذار المبكر، والتعاون في مجال الدفاع الجوي».

وعززت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خطوتها العسكرية، التي حملت رسائل تؤكد أن منطقة الخليج في صلب اهتمامها رغم انشغالها على جبهات أخرى بمواجهة النفوذ المتصاعد للصين وروسيا، بالكشف عن تحركها باتجاه فرض عقوبات جديدة على قادة الجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران، رداً على تصعيدها الأخير بشن هجمات عابرة للحدود بطائرات مسيرة وصواريخ بالستية، استهدفت الإمارات والسعودية.

وأوردت وكالة «أسوشيتد برس»، أمس، أن المسؤولين الأميركيين يدرسون تدابير مالية تستهدف الحوثيين وقادتهم، مع احتمال فرض عقوبات جديدة هذا الأسبوع، رداً على الهجمات الـ 3 التي استهدفت الإمارات أخيراً.

وذكرت الوكالة الأميركية أن مسؤولي البيت الأبيض يسعون إلى طمأنة الحلفاء الاستراتيجيين في الخليج، بما في ذلك السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» ضد الحوثيين، بأنهم سيقدمون الدعم الدفاعي إليهم.

وأوضحت أن المسؤولين الأميركيين يشعرون بالدهشة والإحباط إزاء إصرار الحوثيين المدعومين من طهران على مواصلة القتال في اليمن.

وفي مقال لهما نشر في صحيفة «واشنطن بوست»، قال كل من سفير الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبة، والمندوبة الدائمة لأبوظبي في الأمم المتحدة، لانا زكي النسيبة: «يتطلب التصدي لعدوان الحوثيين ضغوطاً دبلوماسية واسعة، وعقوبات أميركية ودولية أشد وجهوداً مكثفة لمنع انتشار الأسلحة، وتطوير ونشر تدابير مضادة فعالة». وأضافا: «كأولوية فورية، يجب على واشنطن إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية بموجب القانون الأميركي، وهذا من شأنه أن يساعد في خنق إمداداتهم المالية والأسلحة دون تقييد الإغاثة الإنسانية للشعب اليمني». وفي فبراير الماضي، أزالت الولايات المتحدة الحوثيين من القائمة لتشجيعهم على الحد من الأعمال العدائية، وبدلاً من ذلك، أصبحوا أكثر عدوانية.

ورأى مراقبون أن العقوبات التي ستفرض على الحوثيين هذا الأسبوع قد تكون تعويضاً غير كافٍ للإمارات عن إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.

وجاء الدعم العسكري ودراسة العقوبات بعد 15 يوماً من أول هجوم حوثي على أبوظبي، حيث تسعى الجماعة المتمردة إلى توسيع دائرة القتال إقليمياً بعد الانتكاسات والهزائم التي منيت بها أخيراً في محافظتي مأرب وشبوة على يد قوات يمنية جنوبية جهزتها ودربتها الإمارات العضو الرئيسي في «تحالف دعم الشرعية». وفي الهجوم الأول في 17 يناير، قتل 3 أشخاص بطائرات بدون طيار وصواريخ استهدفت أبوظبي. ونجحت الإمارات في اعتراض وتدمير صاروخين بعد أسبوع، بمساعدة القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة «الظفرة» قرب أبوظبي، قبل أن تعترض وتدمر صاروخاً في هجوم ثالث وقع الاثنين الماضي بالتزامن مع زيارة الرئيس الإسرائيلي، اسحق هرتسوغ.

في هذه الأثناء، زار وزير الداخلية السعودية، عبدالعزيز بن سعود بن نايف، أبوظبي، واجتمع بولي عهد أبوظبي ومسؤولين آخرين، للتنسيق بهدف حفظ أمن الخليج وفي ظل استمرار الحرب مع الحوثيين.

وبحث ولي عهد أبوظبي ووزير الداخلية السعودي، مساء أمس الأول، العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين وسبل تعزيزها على جميع المستويات بما يدعم مصالح البلدين المشتركة.

والتقى وزير الداخلية السعودي نظيره الإماراتي وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون الأمني القائم بين وزارتي الداخلية في البلدين، بالإضافة لاجتماعه بولي عهد دبي، حمدان محمد بن راشد.

وعن توقيت الزيارة في ظل التصعيد الحوثي على الإمارات، رأى المحلل السياسي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، أنها ترتبط بـ»علاقة التعاون الأمني ليست فقط بين الرياض وأبوظبي بل على مستوى مجلس التعاون الخليجي ككل».

ورأى عبدالخالق أن الزيارة تحمل «أبعاد التضامن المتبادل بين البلدين في مواجهة الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية التي تزايدت أخيراً وبشكل مكثف»، لافتاً إلى أنها «تأتي بعد انتهاء تدريبات وتمارين أمن الخليج العربي 3».

وتمسك المحلل الإماراتي بأن «التحالف لا يريد التصعيد، وسبق أن قدمت السعودية مبادرات عدة لوقف إطلاق النار وانتهاء الحرب على وجه السرعة».

وقال المحلل السياسي السعودي حسن المصطفى، إن الزيارة تعكس «قناعة ثابتة لدى الرياض وأبوظبي، بأن التعاون ليس خياراً ترفياً، بل آلية عمل عبر تنتظم السياسات في الخليج، لاسيما في ظل الحرب مع الحوثيين في اليمن».

وأضاف المصطفى: «صحيح أن كل دولة لها سياستها الخاصة، وطريقتها في مواجهة المخاطر، وأسلوبها في تعزيز أمنها الوطني، لكن التنسيق والتعاون المشترك أمر مفروغ منه».