التقاعد ليس نهاية حياة
إتقان العمل حثنا عليه ديننا الحنيف في قوله تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"، وفي قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"، وهنا حكمة تقول: "لا يكفي أن تصنع خبزاً عليك أن تحسن صنعه"، وقِس ذلك على كل الأعمال. ما أجمل التقاعد حين نحس أننا نحتاجه، فقد كنا نبذل كل ما في طاقتنا لنؤدي كل ما يُطلب منا على أكمل وجه دون تذمر، فالمرء عندما يتذكر أنه عمل بإخلاص وجد واجتهاد وأدى واجبه على أكمل وجه فذلك يخلق في نفسه سعادة وبهجة وسروراً.لقد بدأتُ رحلة التقاعد وهي ليست نهاية حياة، فقد جمعتُ شتات نفسي وهيأتها للاستمتاع بحياة التقاعد، وكما استمتعتُ سابقاً في عملي، سأبذل جهدي لأستمتع تقاعدي، فركزت بداية على هواياتي التي كنتُ أغفل القيام بها أحياناً مثل ممارسة الرياضة وقراءة القصص والكتابة، فكنت شغوفة من الصغر بالقراءة لكل ما تقع عليه عيني، فأقرأ (ميكي) ومجلات أخواتي الكبار (حواء)، و(الكواكب) و(الموعد) وكتابات نجيب محفوظ، صحيح أنني كنت لا أفقه بعض الأشياء، لكنني أستمتع بالتصفح وقراءة ما يمكنني قراءته.
كنت مقاتلة فارسة في عملي، أحبه وأعمل كل ما بوسعي لإرضاء الله تعالى بالدرجة الأولى لأنه الوحيد الذي يراقبني في كل الأوقات، وبدأت أبحث عن شيء يبعث في نفسي طاقة إيجابية أبتعد بقدر الإمكان عن كل ما يزعجني، فكلنا لدينا مشاغل حياتية، ولكن لابد للإنسان أن يختلي بنفسه ويعمل ما يحبه لكسر روتين الحياة اليومي، فأصبح وقتي لي وأنا أتحكم فيه.أخيراً: آن الأوان للفارس أن يترجل ويترك الفرصة لغيره من العقول الشابة المتطورة التي لديها أفكار جديدة قد لا نملكها، وهذا لا يعني أنها دعوة للتقاعد ولكنه مرحلة عمرية يجب الاستمتاع بها، ونصيحتي لكل من هم على رأس أعمالهم الإتقان والإخلاص ثم الإخلاص حتى يبارك الله لنا في صحتنا وحياتنا... اللهم احفظ بلادنا الكويت ووفق ولاة أمورنا لما فيه مصلحة الوطن والمواطن، والله المستعان.