نقطة : مجلس نمى إلى علمي...
بفضل النواب الشعبويين والإسلاميين ومَن سايرهم، تحوّل مجلس الأمة من مجلس تشريعي دوره الأصيل سنّ القوانين القابلة للتطبيق بعد نقاشات واقعية عميقة وجادة، إلى مجلس نميمة وسجالات وساحة للمزايدات وتصيُّد الحريات الشخصية والمعايرة وليّ الذراع لإقرار قوانين إبراء الذمة غير القابلة للتطبيق الجيد على أرض الواقع، ثم تهديد الحكومة ومساومتها بعد ذلك بسبب حفلة هنا أو رحلة هناك، أو لعدم تطبيقها القانون على الذين كانوا يعرفون سلفاً حين أقروه - دون بحث جدّي - أنه غير قابل للتطبيق أساساً، ولكن لا بدّ من إقراره، لأن "الجمهور عاوز كده".اليوم لدينا، بفضل نعمة الديموقراطية المقرونة بالشهادات المضروبة والتدين المغشوش والتقاعد المبكر، سياسيون من غير سياسات، ومتمردون بلا قضية، كلما انتهت أزمة استنسخوا أخرى ليقتاتوا على زخمها، ولا شيء يتغيّر على أرض الواقع الذي لا يريدون هُم أصلاً له أن يتغير، فأمثالهم لا يعرفون العمل في غير هذه الأجواء المحتقنة والمعارك الفارغة، ليشعروا بأهميتهم في مواجهة أعداء وهميين ومؤامرات متخيلة لتهييج الناس وإبقائهم منشغلين باقتباس أقوالهم الخالدة وترديدها كمسلّمات، وتبرير عجزهم في المقابل عن التفكير وتقديم الجديد، عدا اقتراحات توزيع الأموال والمنافع المجانية من جيب الدولة ورصيد المستقبل، وبقصد منافسة الشيوخ لا أكثر.
فالنائب المحترم صار أقرب لـ "الفاشنستا" الساعي إلى حصد الإعجابات والآهات التي تُرضي غروره وتمنحه شعبية و"لايكات" تستمر معه لتكفل له النجاح بالانتخابات التالية، منه إلى النيابة عن الأمة وتمثيلها لتحقيق أهدافها من خلال عمل سياسي حقيقي، نعرف أن العمل فردي وليس حزبياً في الكويت، وبقية الكذبة المكررة لتبرير الخيبة المستمرة، لكن نتكلم هنا عن السلوك الفردي، فأغلبهم الآن يعتقد، لأنه نجح في الانتخابات، أن ذلك يعفيه من التحلي بالأخلاق والأدب وانتقاء الألفاظ التي تليق بمشرّع وتنبئ عن تربيته، ثم إن العمل الفردي لم يمنع مَن سبقوكم من التصرف بمسؤولية وإقرار قوانين جيدة وفعالة، كما أن الأحزاب التي تغطون بغيابها سوأتكم تتكون في النهاية من أفراد لديهم الحد الأدنى من المنطق والفكر والحس السليم.