بنك الكويت الوطني: 2021 عام قياسي لإصدارات السندات الخليجية

على خلفية تزايد الاحتياجات التمويلية لسد العجز وانخفاض تكاليف الاقتراض

نشر في 06-02-2022
آخر تحديث 06-02-2022 | 00:00
تراجع إصدارات السندات الدولية والمحلية بدول مجلس التعاون
تراجع إصدارات السندات الدولية والمحلية بدول مجلس التعاون
قد تظل الإصدارات الخليجية قوية نسبياً في عام 2022 بسبب استمرار الاحتياجات التمويلية، إلا أنّه من المرجح أن تتراجع في ظل ارتفاع أسعار النفط وانخفاض مستويات العجز.
تراجعت إصدارات السندات الدولية والمحلية بدول مجلس التعاون في الربع الرابع من عام 2021 لنحو 20 مليار دولار مقابل 29 مليارا في الربع الثالث من العام نفسه.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، يعتبر تباطؤ وتيرة إصدار السندات في الربع الرابع من الأمور الموسمية، وقد يعزى لوصول الحكومات إلى المستويات المستهدفة لهذا العام.

وجاءت الجهات السيادية في الصدارة من حيث حجم الإصدارات، والتي جاء أكثر من نصفها من السعودية (11 مليار دولار)، تليها الإمارات (5.2 مليارات دولار).

وشملت أبرزها إصدار أول سندات اتحادية إماراتية، إذ جمعت 4 مليارات دولار على 3 شرائح، وتجاوزت طلبات الاكتتاب أكثر من 22.5 مليار دولار. وأصدرت السعودية سندات بنحو 8.8 مليارات دولار كجزء من عملية شراء مبكر لصكوك تستحق السداد عام 2022.

وبصفة عامة، كان 2021 عاماً قياسياً بالنسبة للإصدارات الإقليمية، إذ بلغت قيمتها حوالي 105 مليارات دولار، مما رفع إجمالي أدوات الدَّين مستحقة السداد إلى أعلى مستوياته على الإطلاق بوصوله إلى 614 مليار دولار في ظل استفادة الجهات المصدرة للانخفاض القياسي الذي شهدته تكاليف الاقتراض.

وقد تظل الإصدارات الخليجية قوية نسبيا عام 2022 بسبب استمرار الاحتياجات التمويلية، إلا أنه من المرجح أن تتراجع في ظل ارتفاع أسعار النفط وانخفاض مستويات العجز.

كما أن تسريع "الاحتياطي الفدرالي" تطبيع السياسة النقدية لمستويات ما قبل الأزمة قد يدفع عائدات السندات الخليجية إلى الارتفاع على المدى المتوسط، مما يزيد من تكاليف الاقتراض ويؤدي إلى تباطؤ وتيرة إصدار السندات.

ارتفاع العائدات في الربع الرابع

وارتفعت عائدات السندات السيادية المتوسطة الأجل في دول مجلس التعاون، باستثناء سلطنة عمان، في الربع الرابع من عام 2021، على خلفية ارتفاع عائدات السندات العالمية التي بدأت رحلة صعودها في نوفمبر.

وتسارعت وتيرة ارتفاع عائدات السندات الخليجية في يناير، مما أدى إلى تزايد الفارق بينها وبين عائدات سندات الخزانة الأميركية، وربما يعكس ذلك تزايد المخاطر كردّة فعل لتشديد "الاحتياطي الفدرالي" لسياسته النقدية.

وجاءت قطر والكويت في الصدارة، بزيادة عائدات سنداتها على أساس ربع سنوي، إذ ارتفعت بمقدار 32 و29 نقطة أساس، على التوالي.

وفي الوقت ذاته، شهدت عائدات سندات أبوظبي والبحرين والسعودية نمواً متواضعاً إلى حد ما على أساس ربع سنوي بمقدار 16 و8 و2 نقطة أساس، على التوالي.

واتخذت السندات العمانية اتجاهاً معاكساً، بانخفاض عائدتها 9 نقاط أساس على أساس ربع سنوي نتيجة لتحسُّن المؤشرات الرئيسية للأوضاع المالية، بما في ذلك نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي وعجز المالية العامة، إضافة إلى قيام وكالات التصنيف الائتماني، موديز وستاندرد آند بورز في أكتوبر بتغيير النظرة المستقبلية لسلطنة عمان إلى "مستقرة" و"إيجابية"، على التوالي. وقامت وكالة فيتش بخطوة مماثلة في ديسمبر. وبشكل مماثل، فقد يؤدي تحسن البيئة التشغيلية في السعودية، والتي ساهمت في قيام وكالة موديز برفع النظرة المستقبلية إلى "مستقرة"، إلى الحد من إمكانية ارتفاع العوائد.

أما في البحرين، التي تشهد سنداتها أعلى عائد بين أقرانها، وعادة ما تكون أقل مقاومة للصدمات، فقد شهدت ارتفاع أسعار مبادلة مخاطر الائتمان، والذي قد يتأثر بتزايد التقلبات وحالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.

وستظل آفاق نمو عائدات السندات الخليجية تعتمد على تعافي الاقتصاد الإقليمي والعالمي، واتجاه عائدات السندات العالمية، وتطورات احتواء تفشي الجائحة، إضافة إلى تحركات أسعار النفط. وقد تستمر عائدات دول مجلس التعاون الخليجي في الارتفاع عام 2022 بما يتماشى مع العائدات العالمية، والتي قد تشهد المزيد من الارتفاع، نظراً لعدد من العوامل كتطبيع السياسة النقدية وإمكانية استمرار الضغوط التضخمية.

وعالمياً، انخفضت عائدات السندات القياسية العالمية المتوسطة الأجل في بداية الربع الرابع من عام 2021، إلا أن أغلبها عكس مساره وأنهى الربع الأخير من العام دون تغيير يذكر فيما يعزى، في المقام الأول، إلى تزايد معدلات التضخم وإمكانية تشديد السياسة النقدية.

وقد يكون خفض البنوك المركزية لوتيرة شراء السندات قد ساهم في ارتفاع عائدات السندات، وربما بدرجة أقل، تزايد قوة الدولار، إذ من المقرر أن يوقف "الاحتياطي الفدرالي" شراء السندات في مارس المقبل.

وامتد الاتجاه الصعودي للعائدات حتى يناير، مع وصول السندات الأميركية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوياتها المسجلة في عامين عند 1.9 بالمئة قبل أن تتراجع أخيراً. وشهدت عائدات السندات الخليجية نمواً أكبر، إذ بدأت الفروق الضيقة تاريخياً مقابل سندات الخزانة الأميركية عام 2021 في العودة إلى وضعها الطبيعي في ظل تطبيق "الاحتياطي الفدرالي" لسياسات أكثر تشدداً.

ومع وصول الجهات المصدرة في الغالب للمستويات المستهدفة لهذا العام، تراجعت إصدارات سندات اليوروبوند وأدوات الدّين المحلية التي طرحتها الدول الخليجية في الربع الرابع من عام 2021، بقيمة إجمالية وصلت إلى نحو 20 مليار دولار.

إلّا أن عام 2021 شهد أداء قوياً بصفة عامة، إذ تم إصدار 105 مليارات دولار من السندات والصكوك، وشهدت تلك الأخيرة زيادة ملحوظة وسط إقبال المستثمرين وتزايد الطلب.

ويعكس الرقم الإجمالي، الذي شهد ارتفاعاً هامشياً عن مستويات عام 2020، استمرار الاتجاه الصعودي للإصدارات الإقليمية في ظل احتياجات إعادة التمويل والعجز المالي، وعلى الرغم من أن هذا الأخير قد تراجع بشكل كبير بفضل ارتفاع أسعار النفط، وتوقّع عودة العديد من الدول الخليجية إلى تسجيل فائض في موازنة السنة المالية الحالية. إلا أنه من المرجح أن تظل الإصدارات قوية نسبيا عام 2022 باعتبار أن تكاليف الاقتراض لا تزال منخفضة، وإن كانت بدأت في الارتفاع، واستمرار المتطلبات التمويلية لتلك الدول.

تغيّرات هامشية لعوائد السندات العالمية في الربع الرابع

تباينت تحركات عائدات السندات القياسية، إلا أنها لم تشهد تغيراً يذكر حتى نهاية الربع الرابع من 2021. وجاءت التراجعات في وقت سابق من هذا الربع في ظل حالة عدم اليقين تجاه السياسات النقدية وارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتباطؤ النمو الاقتصادي، إلّا أن العوائد انتعشت في نوفمبر على خلفية تراجع حدة المخاوف من الفيروس والأهم من ذلك، إشارة مجلس "الاحتياطي الفدرالي" إلى رفع أسعار الفائدة عدة مرات عام 2022 لكبح جماح التضخم.

وعلى الرغم من ارتفاع عائدات السندات بوتيرة مطردة منذ نوفمبر الماضي، فإن السندات البريطانية لأجل 10 سنوات وسندات الخزانة الأميركية أنهت الربع على تراجع طفيف بمقدار 5.2 نقاط أساس و2.9 نقطة أساس، على التوالي.

وفي المقابل، أنهت عائدات السندات السيادية اليابانية والألمانية الربع على ارتفاع هامشي بمقدار 0.5 و1.6 نقطة أساس، على التوالي.

وامتد الاتجاه الصعودي خلال شهر يناير، إذ واصل المستثمرون تقييم موقف الاحتياطي الفدرالي المتشدد، واستمرار تخفيض تدابير التيسير الكمي، وارتفاع معدل التضخم لمستويات قياسية جديدة.

ومستقبلاً ستكون آفاق النمو الاقتصادي وسياسات الاحتياطي الفدرالي وتوقعات التضخم هي المحركات الرئيسية لعائدات السندات. ويمكن أن تكتسب سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات المزيد من الزخم بمجرد انتهاء الاحتياطي الفدرالي من تقليص برنامج شراء الأصول في مارس المقبل، مما يمهد الطريق لرفع أسعار الفائدة للمرة الأولى خلال العام الحالي، والذي عادة ما يؤدي إلى رفع عائدات السندات.

وستكون هناك فرصة قوية لارتفاع عائدات السندات في حالة استمرار التضخم فوق المستوى المستهدف الذي حدده الاحتياطي الفدرالي، إضافة إلى تأكيد النمو الاقتصادي لمرونته، مما سيدفع مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى اتخاذ موقف أكثر تشدداً في السياسة النقدية.

من جهة أخرى، قد تنخفض عائدات السندات استجابة لتراجع معدلات التضخم، وقلة مرونة النمو، إضافة إلى تقلّبات الأصول ذات المخاطر المرتفعة نسبياً كالأسهم، واحتمال تفاقم الأوضاع على خلفية زيادة حالات الإصابة بالفيروس.

التضخم وتطبيع السياسة النقدية يدفعان عوائد السندات السيادية إلى الارتفاع
back to top