إيران ترد بفتور على مبادرة أميركية لرفع العقوبات
● خامنئي يرجح كفة «فريق فيينا» لـ«تفادي مغامرة لا تحتمل»
● مالي: لا يمكن تقديم أي ضمانة لطهران
ردت السلطات الإيرانية ببرود على مبادرة أميركية تضمنت إعادة العمل بإعفاءات متعلقة بالبرنامج النووي المدني للجمهورية الإسلامية، في ظل تقدم مفاوضات إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، في حين علمت «الجريدة» من مصدر مطلع أن المرشد علي خامنئي رجح إمكانية التوصل لتفاهم مع القوى الكبرى بفيينا.
غداة إعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إعادة العمل بإعفاءات متعلقة بالبرنامج النووي المدني للجمهورية الإسلامية، وصف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الإجراءات الأميركية بشأن رفع العقوبات المفروضة على طهران بأنها «جيدة لكن غير كافية»، في ظل تقدم مباحثات إحياء الاتفاق النووي، التي تخوضها بلاده مع القوى الكبرى في فيينا حالياً. وقال عبداللهيان في تصريحات أمس: «لقد أبلغنا الجانب الأميركي عن طريق بعض من ينقلون الرسائل هذه الأيام، أن عليهم إظهار حسن النية بالفعل، رفع بعض العقوبات بشكل عملي قد يعكس حسن نيتهم التي يتحدثون عنها، لكن يجب أن يُعرف أن ما يحصل على الورق هو جيد لكنه غير كافٍ.وتابع: «ما يسعى إليه الوفد الإيراني بشأن الضمانات يأتي على جميع الصعد السياسية والقانونية والاقتصادية، وقد تم التوصل إلى تفاهمات في بعض الأجزاء، لكن الوفد الإيراني المفاوض ما زال يسعى بجدية للحصول على ضمانات ملموسة من الجانب الغربي وضمان التزامه بالتعهدات وفق اتفاق فيينا».
واستبق أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، استئناف الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا بالتأكيد على أن «حق إيران في تطوير برنامجها النووي لا يمكن تقييده بأي اتفاق».وقال شمخاني، عبر «تويتر» إن «حق إيران القانوني في استمرار البحث والتطوير للبرنامج الذري والحفاظ على القدرات والإنجازات النووية السلمية وتأمين أمنها في مواجهة الأعمال الشريرة المدعومة لا يمكن تقييده بأي تفاهم».
خامنئي وكني
في هذه الأثناء، علمت «الجريدة» من مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن المجلس عقد اجتماعين يومي الأربعاء والخميس بأمر من المرشد الأعلى علي خامنئي لدراسة المقترحات المقدمة للإيرانيين في فيينا وخطة عمل رئيس وفد التفاوض علي باقري كني للتعاطي مع الأميركيين، دون التوصل إلى نتيجة بسبب حدة الخلافات بين أعضاء المجلس الخاضع لهيمنة التيار الأصولي المتشدد، إذ تم في النهاية رفع محضر المناقشات إلى المرشد لاتخاذ القرار النهائي.وحسب المصدر، فإن خامنئي دعم شفهياً موقف باقري كني، دون التعرض لموقع أعضاء المجلس. ورفض المرشد شفهياً مقترح الأصوليين المتطرفين بقيادة سعيد جليلي القاضي بالانسحاب من المفاوضات وتخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المئة ثم الجلوس على طاولة المفاوضات مع الأميركيين بشكل مباشر، قائلاً: «إننا إذا ما أردنا الجلوس مع الأميركيين مستقبلاً فيمكننا الجلوس حالياً بشكل مباشر وعلينا أن نعمل على الحصول على كل ما يمكن الحصول عليه في المفاوضات الحالية والاعتماد على مندوبينا الحاليين لأن البلاد لا تتحمل مغامرات جديدة وإذا ما رأى المفاوضون أنه من الضروري الانسحاب فالقرار يعود لهم، لكن حسب التقارير التي وصلتني فإن المفاوضات تسير على ما يرام وهناك أمل بالتوصل لاتفاقية قريبة مرضية لنا».وأوضح المصدر أن خطة عمل باقري كني تختصر في قبول ما هو مطروح على طاولة فيينا من رفع للعقوبات وعودة إيران التدريجية لتنفيذ تعهداتها النووية، مع وقف جميع أنشطتها الخارجية عن صفقة 2015، واستمرار المفاوضات لرفع باقي العقوبات عن إيران على مراحل.وأشار إلى أن العقوبات المقترح رفعها أو تعليقها تصل إلى 1200 من أصل 1550 عقوبة وهناك بعض العقوبات المفروضة على شخصيات أو شركات ومؤسسات ترفض واشنطن رفعها، في حين يقترح كني أن يتم حل تلك المؤسسات والشركات وإعادة هيكلتها بأسماء أخرى وإدارات مختلفة، مؤكداً أن الأميركيين تعهدوا بعدم استهدافها بعقوبات جديدة. ولفت إلى أن باب التفاوض سيظل مفتوحاً لرفع باقي العقوبات. وبين أن الخلاف الدائر حالياً يتمحور حول قبول إيران لـ»تعليق» العقوبات وليس رفعها في ظل إصرار إدارة بايدن على أن صفقة 2015 لا تلزمها برفع كل العقوبات. وفي حال القبول بالطرح الأميركي فسوف تكون إدارة بايدن ملزمة برفع وإلغاء ما بين 300 و400 عقوبة معظمها على القطاع المصرفي والشحن والنفط والطيران والتأمين وقطاع إنتاج السيارات، لكن باقي العقوبات التي تتراوح ما بين 800 و900 سوف يتم تعليقها بقرار رئاسي يتم تمديدة كل على فترات. وأكد المصدر أن مقترحات كني لم تلق قبول لجنة السياسة الخارجية بالبرلمان لأنها تنص على قبول ما تسميه واشنطن «روح الاتفاق النووي» وبأن إيران سوف تستمر بالتعامل والمفاوضات مع الولايات المتحدة لحل باقي الخلافات شرط أن يتم رفع جميع العقوبات وتنفيذ الاتفاق النووي، المبرم عام 2015، بشكل كامل قبلها. ويعتقد كني أن إدارة بايدن لن تستطيع الوفاء بشرط رفع جميع العقوبات بسبب وضعها الداخلي المتأزم وهو ما يسمح لطهران بالتملص من طرح ملفات، تصفها بـ«الخط الأحمر»، مثل التسلح الباليستي والأنشطة الإقليمية، على طاولة التفاوض.توضيح أميركي
ووسط ضغوط داخلية ومخاوف إقليمية من تساهل إدارة بايدن مع طهران، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، رداً على خبر، إعادة الالتزام بالإعفاءات النووية الممنوحة للأطراف الدولية للتعامل مع البرنامج الذري الإيراني، الذي أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، بأن حكومة بلاده «لم تقدم أي إعفاءات لإيران ولن تفعل إلا إذا عادت للالتزام بالاتفاق النووي السابق». وقال برايس، عبر «تويتر»: «الإدارة الحالية اتخذت ذات التدابير التي قررتها الإدارة السابقة، وهي السماح لشركائنا الدوليين معالجة عدم انتشار الأسلحة النووية ومخاطر معايير السلامة في إيران».وكانت الوكالة الفرنسية نقلت خبراً، أمس الأول، مفاده بأن «واشنطن أعادت إعفاءات على برنامج إيران النووي السلمي ألغتها إبان حكم دونالد ترامب» في 2020.ونقلت عن مسؤول أميركي كبير، قوله إن «قرار يتيح تسهيل المناقشات الفنية التي تعتبر ضرورية في الأسابيع الأخيرة من محادثات فيينا».وجدد المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي، تحذيره من أن طهران «على بعد أسابيع من تخصيب يورانيوم يكفي لتصنيع قنبلة نووية»، معتبراً أن التقدم الذي حققته إيران في برنامجها النووي «يعزّز وجوب إحياء الاتفاق» الذي انسحب منه ترامب عام 2018.وأوضح مالي أن الوفد الأميركي المشارك في المحادثات النووية، بشكل غير مباشر، سيعود إلى فيينا، الأسبوع الحالي لكن عاد ورفض بشكل مطلق تقديم أي ضمانة لطهران من أن الولايات المتحدة لن تخرج مجدداً من أي اتفاق يتم التوصل إليه.طهران - فرزاد قاسمي
لم نقدم أي إعفاءات لإيران الخارجية الأميركية