يحدث بدولة المؤسسات...!
في مدة زمنية لم تتجاوز أسبوعين أصدرت إدارة الفتوى والتشريع فتويين متناقضتين، حول الوضع القانوني لنائبي المدير العام للهيئة العامة للزراعة، ومدى سلامة القرارات التي تصدر منهما على ضوء انتهاء مرسوم تعيينهما.في الفتوى الأولى، التي جاءت رداً على سؤال المدير العام للزراعة عن وضع نائبيه، ترد "الفتوى" بتاريخ 30 ديسمبر 2021 وتقول "... وحيث إنه بتاريخ 23 /8/ 2021 انتهى مرسوم تعيين نائبي المدير المعينين بموجب المرسوم 214 المؤرخ 23 / 8/ 2017 ولم يتم التجديد لهما، فإن مقتضى ذلك ولازمه بأنه بانتهاء مدة تعيينهما تزول صفتهما كنائبين للمدير ولا يجوز لهما مباشرة الاختصاصات محل التفويض....."، وأسست الفتوى رأيها على "أن القانون لم يعهد لنائبي المدير ثمة اختصاص يبرر استمرارهما في تصريف العاجل من الأمور...".في الفتوى الثانية، التي جاءت بعد كتاب استفسار من معالي وزير الأشغال وزير الدولة وووووو حفظ الله مقامه السامي، التي يلمح فيها معاليه لضرورة أن تغير إدارة الفتوى رأيها السابق، فالضرورات تبيح المحظورات، "والحي يقلب" وإن حبتك عيني ما ضامك الدهر... قالت الفتوى المؤرخة في 13 /1 / 2022 ، وهي بمعرض تسبيب رأيها، بصحة قرارات نائبي المدير بعد انتهاء فترة المرسوم القاضي بتعيينهما وذكرت "... إن القضاء الإداري قد أقر بصحة تلك القرارات إعمالاً لنظرية الموظف الفعلي التي أنشأها للتخفيف من غلو الآثار المترتبة على البطلان..."، وانتهت فتوى الإدارة إلى "... صحة القرارات الصادرة عن نائبَي المدير العام لقطاعي الزراعة... بعد انتهاء خدمتهما اعتباراً من 23 /8 /2021 ..."!
أي موظف فعلي وأي اجتهاد قانوني ذهبت إليه إدارة الفتوى التي تمثل العقل القانوني للحكومة ومحاميها الكبير؟ مبدأ الموظف الفعلي أو الظاهر يشترط لإعماله أن تكون هناك ظروف استثنائية في الدولة كي يتم تطبيقه، فأي ظرف استثنائي وجدت إدارة الفتوى نفسها فيه كي تجتهد بمثل ذلك الاجتهاد البائس؟أي سبب قانوني وبكلمة أدق "سبب سياسي" ومصالح جماعات متنفذة وراء تناقض الفتويين؟! لم يلحق الكاتب المسرحي بريخت (برشت) على هذا الزمان الكويتي البائس حين كتب مسرحية "مؤتمر غاسلي العقول" ومهمة المثقفين الصينيين القدماء في تقديم المشورة للسلطة حسب الطلب، لكن الفنان والأديب الأصيل دائماً له رؤية ثاقبة تتجاوز الزمان والمكان.