تونس: معركة بين الرئيس والقضاء
سعيد يتهم «المجلس الأعلى» بـ «الولاءات» والفساد
وسط انتقاداته الشديدة لهذه الهيئة الدستورية المستقلة، ودعوات أنصاره لتطهيرها، قرر الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس، حلّ المجلس الأعلى للقضاء، معتبراً أنه يخدم أطرافاً معينة بعيداً عن المصلحة العامة، ويتلاعب بالملفات.وقال سعيّد، خلال زيارة لوزارة الداخلية، «هذا المجلس أصبحت تباع فيه المناصب، بل يتم وضع الحركة القضائية (التعيينات فيه) بناء على الولاءات، وليعتبر نفسه في عداد الماضي»، مضيفاً: «هناك أموال وممتلكات تحصل عليها عدد من القضاة بمليارات المليارات، هؤلاء مكانهم المكان الذي يقف فيه المتهمون».وأكد سعيّد الذي أعلن في 25 يوليو تعليق أعمال البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة، وتولي السلطات في تونس، «سنعمل على وضع قانون أو مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء»، مؤكداً «حق التونسيين في معرفة الحقيقة، وعلى أن من أولى حقوقهم قضاء عادل يشرف على تسييره قضاة لا يطبقون إلا القانون».
والمجلس الأعلى للقضاء، الذي يتكون من 45 قاضياً ومتخصصاً بالقانون، مؤسسة دستورية «ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية»، حسب الدستور، ومن بين صلاحياته اقتراح الإصلاحات الضرورية في مجال القضاء.ويأتي قرار سعيّد بالتزامن مع تظاهرة لأنصاره في ذكرى اغتيال السياسي اليساري شكري بلعيد في 2013، رغم منع وزارة الداخلية أي تجمع، تطبيقاً لقرار تم اتخاذه للحد من انتشار وباء كورونا.ودعت إلى هذه التظاهرة نحو 20 منظمة من بينها «الاتحاد العام للشغل»، و»الهيئة الوطنية للمحامين»، و»رابطة حقوق الإنسان»، احتجاجاً على فتح القضاء تحقيقاً بقتل بلعيد، وعدم إصداره حكاماً في القضية حتى اليوم.وتبنى إسلاميون متطرفون الاغتيال الذي أثار أزمة سياسية انتهت بخروج حركة «النهضة» من الحكم، وإطلاق حوار وطني بين كل المكوّنات السياسية، وتم الاتفاق على تشكيل حكومة تكنوقراط أمنت وصول تونس لانتخابات 2014.في المقابل، قال رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر، لـ»رويترز»، إن قرار الرئيس بحل المجلس غير قانوني ومحاولة لوضع القضاء «في مربع التعليمات» الرئاسية، مضيفاً: «المجلس ليس من الماضي هو من الحاضر والمستقبل القضاة لن يسكتوا. هذا تدخل مباشر ومحاولة لوضع القضاة في مربع التعليمات».