قطار التضخم بلا فرامل؟
راتب المتقاعدين ومعظم موظفي الدولة لم يعد يكفي، والتخوف من أن السنوات القادمة ستحمل معها أعباء إضافية إذا ما قررت الحكومة المضي في قانون الضريبة المضافة ورفع الدعم عن الكهرباء والماء والبنزين وغيرها من الأفكار العقيمة.
لم أعد أميز النظام الاقتصادي الذي نسير عليه، هل هو فعلاً نظام ريعي أم هو خليط من الرأس مالية والاشتراكية؟ لكن هناك حقيقة ساطعة كالشمس لا تغطى بمنخل وهي أن العجز في الميزانية ليس للمواطن البسيط دخل فيه، وأن معظم الكويتيين لم يعد الراتب يكفيهم لسد حاجاتهم الأساسية.لنبدأ بما ذكره الأستاذ الدكتور طارق الدويسان بأن متوسط رواتب المتقاعدين 1.400 دينار وهو بالمناسبة يقارب متوسط رواتب موظفي الدولة، وإن معدل التضخم سنوياً يصل إلى 2.5%، لذلك إذا ما أردنا المحافظة على القوة الشرائية فلا بد من رفع الزيادة السنوية إلى 35 ديناراً كويتياً للحد من ظاهرة الفقر المبطن.الراتب عملياً لم يعد يكفي إذا ما نظرنا إلى متطلبات المعيشة الأساسية من مأكل وملبس ومسكن وأقساط سيارة وراتب عاملة المنزل و"شوية" ترفيه للأسرة، ستجد في النهاية أن معظم رواتب الكويتيين لن تصمد حتى نهاية الشهر.
الكويت اليوم لم تعد كما كانت قبل عشر سنوات، فالأسعار تضاعفت في المجمل أكثر من الضعف، وأحياناً إلى أربعة أو خمسة أضعاف كما حصل مع العقارات السكنية التي خرجت عن التفسير المنطقي، بحيث لم يعد بإمكان الموظف الذي يتقاضى راتب ألفي دينار شراء قسيمة سكنية إلا بعد انتظار 40 سنة على فرض توفير ألف دينار شهرياً. المحصلة راتب المتقاعدين ومعظم موظفي الدولة لم يعد يكفي والتخوف من أن السنوات القادمة ستحمل معها أعباء إضافية إذا ما قررت الحكومة المضي في قانون الضريبة المضافة ورفع الدعم عن الكهرباء والماء والبنزين وغيرها من الأفكار العقيمة.أسعار النفط تشهد هذه الفترة طفرات كبيرة والخبراء يتوقعون وصولها إلى أرقام قد تصل إلى أكثر من 120 دولاراً للبرميل بسبب سياسة كسر العظم التي يقودها البيت الأبيض ضد بكين بهدف حدها من الاستحواذ على التجارة العالمية، وبعدها ستعاود أسعار النفط إلى الهبوط مرة أخرى. من المتوقع أيضاً أن هذه الطفرة لن تستمر طويلاً وأنها ستكون الفرصة الأخيرة أمام الدول النفطية بسبب تحول معظم الدول الصناعية إلى استخدام الطاقات المتجددة.هذه الفرصة على الحكومة استغلالها وعدم التفريط فيها من خلال تنفيذ إصلاحات جذرية تشمل التعليم وتوجيه مخرجاته لمتطلبات سوق العمل وإنشاء مدن صناعية وتشغيل ميناء مبارك وإنشاء مناطق حرة للتجارة البينية بين دول الإقليم من خلال إحياء مشروع الحزام والطريق ودعم وتوجيه واحتضان المبادرين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإعادة هيكلة القطاع الحكومي مع معالجة الاختلالات في التركيبة السكانية، وتحديد دور القطاع الخاص بحيث يكون شريكا حقيقيا في البناء والتنمية.في الختام معاناة المواطنين شيء قد لا يذكر إذا ما نظرنا إلى حال جزء كبير من حال الإخوة البدون وإلى ضعف رواتبهم التي يكون متوسطها في الغالب بين 200 و250 ديناراً وإلى الشروط التعجيزية المفروضة عليهم لتحول بينهم وبين العمل. ودمتم سالمين.