طارت جلسة البرلمان العراقي التي كانت مقررة أمس لاختيار رئيس جديد للجمهورية بعد انتخابات أكتوبر وما أسفرت عنه من توازنات سياسية.

وقرر رئيس البرلمان، السنّي محمد الحلبوسي، تحويل جلسة الانتخاب إلى جلسة تداولية حوارية بعد حضور 58 نائباً فقط من أصل 329.

Ad

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أول من أعلن مقاطعة الجلسة، ليتبعه بعد ذلك حلفاؤه السنّة والأكراد، إثر إعلان المحكمة تعليق ترشيح هوشياز زيباري (القيادي في حزب مسعود البارزاني) «مؤقتاً» للرئاسة.

في المقابل، احتفل «الإطار التنسيقي» الشيعي، الذي يضمّ كل القوى الشيعية باستثناء الصدر، بفشل الجلسة، معتبراً أن ما جرى «فرصة للمزيد من المباحثات لاحتواء الخلافات القائمة وإكمال التفاهمات للوصول إلى حلول واقعية».

وتعكس هذه التطورات المتسارعة حدة الخلافات السياسية بالعراق منذ الانتخابات التشريعية التي أجريت قبل نحو 4 أشهر، وانتهت بفوز كبير للتيار الصدري، وبتراجع للكتل الموالية لإيران.

ومنذ أول انتخابات متعددة في 2005 ونظمت بعد الغزو العراقي الذي أدى الى سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليدياً الى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنّة مجلس النواب.

ويجب على الرئيس أن يختار خلال 15 يوماً من انتخابه، رئيساً للوزراء، تعود تسميته إلى التحالف الأكبر بشكل توافقي مع القوى السياسية. ولكن حتى الآن، لم تتمكن هذه القوى من تشكيل تحالف أو الاتفاق على اسم يتولى السلطة التنفيذية خلفاً لشاغله راهناً مصطفى الكاظمي.

ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة مهلة شهر لتأليفها، إلا أن مسار الخطوات السياسية يبدو معقدا حتى قبل الشروع فيه.

ويؤكد الصدر حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي بتشكيل «حكومة أغلبية وطنية»، آملا بذلك في فك الارتباط مع تقليد التوافق الذي يعرقل غالبا آلية اتخاذ القرار.

لكن هذا يعني أنه يضع خارج حساباته قوى وازنة على الساحة السياسية، خصوصاً «الإطار التنسيقي» الذي يضم تحالف الفتح ممثل الحشد الشعبي، والذي حصل على 17 مقعداً، وتحالف «دولة القانون» برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (33 مقعداً)، وأحزابا شيعية أخرى.

ورغم فشل محاولاته الطويلة في إقناع الصدر للقبول بحكومة تضم المالكي، عاد ‏قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قآني إلى بغداد ليل الأحد - الاثنين، واجتمع مع قادة الإطار سعياً لتحقيق تقارب بين القوى الشيعية وتشكيل جبهة موحدة في حكومة مستقبلية.

ومنذ أيام زار قآني أربيل، والتقى كبار المسؤولين الأكراد، ونقل رسالة المرشد علي خامنئي إليهم، بعد أن بحث في زيارة مطولة مع الصدر وقيادات الإطار توحيد الموقف الشيعي وتشكيل ائتلاف يضم جميع الدوائر السياسية في سلطة توافقية.

ومع زيارة قآني، استهدف هجوم بقنبلتين يدويتين منزل رجل الدين إبراهيم العظيمي، المنتمي إلى التيار الصدري، في منطقة جسر ديالى في بغداد، مما أدى إلى حدوث أضرار مادية دون خسائر بشرية.

وفي ظل التوتر الأمني، تم استهداف منزل أحد موظفي هيئة النزاهة بقنبلتين يدويتين في بغداد أيضاً، في حين أكدت قيادة العمليات إحباطها محاولة تفجير مزدوج في سوق شعبي بالعاصمة.

وفي افتتاح المؤتمر الإقليمي الـ 36 للشرق الأدنى برعاية منظمة الفاو، وحضور أكثر من 30 دولة، حذّر الكاظمي من أن «المنطقة تعيش ظروفاً معقدة وتحديات كبيرة، وهناك تأثير للخلافات السياسية على النهضة»، مؤكداً أن «الحوار والتفكير المشترك وتجنّب الحلول الذاتية التي لا تراعي مصالح الجوار أساس للتعاون والشراكة، ولا يمكن لمجتمع أن ينمو على حساب آخر».

في سياق آخر، ذكرت وكالة الأنباء العراقية، أمس، أن وزير الكهرباء المكلّف عادل كريم بحث مع وزير الطاقة القطري سعد الكعبي إمكانية توريد الغاز للعراق لمعالجة نقص الكهرباء لديه.

وأضافت الوكالة أن ذلك جاء خلال زيارة سريعة قام بها الوزير العراقي لقطر جرى خلالها بحث القضايا اللوجستية اللازمة لتوريد الغاز من خلال الموانئ القطرية إلى موانئ العراق.

ويعتمد العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك بعد السعودية، على مبيعات النفط في أكثر من 90 في المئة من ميزانيته العامة، ويتعرض لضغوط من الولايات المتحدة لتقليص اعتماده على واردات الغاز من إيران.

ويحرق العراق معظم غازه، المُستخرج بجانب النفط من حقوله، لافتقاره إلى المنشآت اللازمة لتحويله إلى وقود ويعتمد بدلاً من ذلك على واردات الغاز الإيرانية في توليد الكهرباء.