يوغا برلمانية
عاد موضوع "المرأة" ليتصدر الساحة الكويتية مؤخرا، وذلك بعد أن أشعل الفتيل إعلان لممارسة رياضة اليوغا في منتصف الصحراء، فتفاعل مع الإعلان أحد النواب مهدداً ومندداً، فاستنفرت الداخلية لمنع الحدث واستنفرت معها المجموعات الشبابية والنسائية بوقفة في ساحة الإرادة يوم الاثنين السابع من فبراير 2022 تخوفاً من هيمنة ذوي الفكر الرجعي، وتحسباً لمواقف "ضعف" الحكومة أمام مطالب نيابية.لنعد إلى بدء الحكاية، فقد بدأت المشكلة باستجواب موجه لوزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي كانت محاوره الرئيسة حول قضايا تنفيع واستغلال المال العام، وما إن راجت الأنباء حول دخول المرأة رسميا في الدفاع حتى استقرت المحاور حول موضوع المرأة مظهرها ومحرمها، وأصبح شأنها ورقة تفاوض بين الحكومة والنواب، فوجد مقدم الاستجواب موضوع المرأة والفتوى جاذبا العدد الأكبر من النواب لتأييد استجوابه وبالتالي طرح الثقة، دافعاً وزارة الدفاع للاستعانة بأسلوب تفاوضي آخر، وهو اللجوء للفتوى لاجتذاب تكتلات برلمانية أخرى للاصطفاف مع الحكومة.لم تكن المرة الأولى التي تصبح فيه المرأة ووجودها في سوق العمل ورقة تفاوضية، فقد حدث في عام 2005 مايو 17 ووسط الفرحة بحصولها على حقوقها في الانتخاب والترشح أن أتت جملة "الضوابط الشرعية" لتثير تساؤلات عدة، فمر آنذاك قانون الانتخابات بأغلبية 35 صوتاً ورفض 23 نائباً وامتناع نائب واحد، وحاول آنذاك المعارضون منع استمرار الجلسة بطرح أفكار اعتبرها البعض تشتيتاً لانتباه الحكومة كتصويت العسكريين وتخفيض سن الناخب.
واستمرت الجلسة إلى السادسة مساء لتصل إلى طلب المزيد من الدراسة للعسكريين وتصويتهم ورفض تخفيض سن الناخب والنتيجة إضافة "الضوابط الشرعية" إلى التعديل الجديد، أما الزيادات وضخ الأموال فتمثلت في زيادة رواتب الموظفين والمعاشات التقاعدية والمساعدات والموافقة على مكافآت وزيادات تراجعت عنها الحكومة لاحقاً لتوافق على منح المتقاعدين زيادة أيضاً. وإن كان هناك تشابه في المعطيات إلا أن الفارق مهم جداً، وهو أن عام 2005 كان مكسب المضي قدما في مسار حقوق المرأة في الانتخاب والترشح قائماً، أما هذا العام فلم يكن للمرأة نصيب، ولن يختلف اثنان على أهمية المرأة الكويتية كجزء أساسي من سوق العمل والإنتاجية، وعنصر مهم من عناصر العملية التنموية رغم الصعوبات التي تواجهها في مجال العمل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر العقبات التي تحول دون وصولها إلى المراكز الإدارية العليا وعدم السماح لها بالجمع بين الوظيفة والدراسة إلا بحكم محكمة، فلم تجد الدولة سنداً لها ولم تلق من أعضاء البرلمان إلا الاعتراض على كل شاردة وواردة.واليوم يستمر "الإرهاق السياسي" وتعود إلى السطح آلية طرح الاستجوابات بشكل مستمر وتقفز من الدفاع إلى الخارجية، وبالمناسبة أقول إن وزير الخارجية الشيخ أحمد الناصر قد قاد إنجازاً في فترة الأزمة الصحية العالمية، ففي فبراير 2020 بدأ وزملاءه من قياديي الخارجية والسفراء بتنسيق خطة الإجلاء بدءاً بالمرضى وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، حتى وصل العدد إلى ما يقرب من ستين ألف مواطن في دول العالم. وخلال يناير 2021 تم إعلان الكويت التوصل إلى حل للأزمة الخليجية وفتح الحدود بين المملكة العربية السعودية وقطر، وخلال يناير 2022 أعلنت الكويت إعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج، وابتعدت محاور الاستجواب عن الذراع الاقتصادي للخارجية كصندوق التنمية والجهاز الذي انضم حديثا وهو هيئة تشجيع الاستثمار المباشر.وما بين انطلاق الاستجوابات وارتفاع الأصوات يتطلع المواطن إلى الاستقرار والإنجاز واستعادة الخطوات الثابتة نحو التنمية المستدامة... وللحديث بقية.