في أعقاب جولة دبلوماسية مكوكية بدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، بين موسكو وكييف وواصلها في برلين، قال الكرملين أمس، إن هناك «مؤشرات إيجابية» بشأن تسوية للأزمة الأوكرانية.وتعليقاً على لقاء ماكرون ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الأول في كييف، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: «برزت مؤشرات إيجابية على أن الحل لأوكرانيا يمكن أن يستند فقط على الالتزام باتفاقيات مينسك» الموقعة في 2015 بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.
وبحذر شديد، قال بيسكوف «هناك مؤشرات إيجابية، ومؤشرات أقل إيجابية»، مضيفاً أنه ليس هناك مؤشر من زيلينسكي على أن «السلطات الأوكرانية مستعدة للإسراع في القيام بما كان ينبغي على كييف القيام به منذ فترة طويلة».وقال ماكرون، إنه حصل على تأكيد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «بعدم حصول تدهور أو تصعيد» في الأزمة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا، كما قال، إن موسكو وكييف ملتزمتان باتفاقيات مينسك.وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن المقاتلات الروسية «سو35» قامت بتدريبات في بيلاروسيا على مهمة قتالية لحماية الحدود، وعملت على اعتراض الأهداف الجوية كجزء من اختبار قوات رد الفعل لدولة الاتحاد.وأعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن تهديدات أمن روسيا وبيلاروسيا ازدادت خطورة مقارنة بالفترات الماضية، الأمر الذي يفسر حجم التدريبات العسكرية المشتركة بين البلدين.
عقوبات استباقية
بدورها، أعربت كييف عن تفاؤل حذر. وقال وزير الخارجية دميترو كوليبا إن المساعي الدبلوماسية الأوروبية الهادفة لمنع غزو روسي يخشى وقوعه لأراضي الجمهورية السوفياتية السابقة، تؤتي ثمارها لكن الوضع لا يزال متوتراً.وأضاف كوليبا بعد محادثات مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إن «الوضع لا يزال متوتراً لكن تحت السيطرة. الدبلوماسية تستمر في خفض التوترات»، معتبراً أن «الطريقة التي تستجيب من خلالها العائلة الأوروبية الأكبر لهذه الأزمة، ستحدد مستقبل الأمن الأوروبي وأمن كل دول أوروبية على حدة».وفي الوقت نفسه أصر كوليبا على ضرورة فرض عقوبات على روسيا لمعاقبتها على دورها في النزاع المستمر منذ ثمانية أعوام في الشرق الانفصالي لأوكرانيا وتجنب «موجة جديدة من التصعيد المسلح». ورفضت واشنطن نظرية كييف حول فرض عقوبات استباقية أو ردعية على موسكو.الكونغرس منقسم
ويكافح الكونغرس الأميركي للتوصل إلى اتفاق على مشروع قانون لفرض عقوبات استباقية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية.ويشكك الجمهوريون فيما إذا كانت الإجراءات الجديدة ستؤثر على قرارات بوتين، بينما تكتفي دول الاتحاد الأوروبي بالتأكيد على أنها متفقة على أن روسيا ستخضع لعقوبات صارمة لكنها لم تقدم تفاصيل مكتوبة بشأن خطط التكتل خصوصاً أن أي إجراء من جانب الاتحاد الأوروبي يحتاج إجماعاً من كافة الأعضاء. ويقول دبلوماسيون، إنه يتم التكتم على التفاصيل حتى لا تصل إلى روسيا أو أن تُظهر خلافاً بين الدول الأعضاء.وقبيل ساعات من وصول وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس ووزير الدفاع بن والاس إلى موسكو حيث أجريا محادثات مع نظيريهما الروسي سيرغي لافروف وسيرغي شويغو حول الوضع في أوكرانيا، طلبت موسكو من لندن الكف عن الكلام بشأن العقوبات ملوحة بإلغاء اللقاءات.وكانت تراس هددت بالعقوبات قائلة قبل مغادرتها: «سأزور موسكو لحث روسيا على السعي لإيجاد حل دبلوماسي ولتوضيح أن أي غزو روسي آخر لدولة مستقلة سيكون له عواقب وخيمة لجميع الأطراف المعنية». وأضافت «روسيا لديها الخيار. نشجعهم بقوة على المشاركة ووقف التصعيد واختيار طريق الدبلوماسية».أزمة الغاز
إلى ذلك، ووسط مخاوف من تأثير سلبي على إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، أعلنت اليابان أمس، أنها ستمد أوروبا ببعض وارداتها من الغاز الطبيعي المسال، تحسباً لحدوث اضطرابات في إمدادات المنطقة من الغاز الروسي لكنها شددت على أن ذلك مشروط بتزويد اليابان أولاً بما يكفي من الغاز الطبيعي المسال.ونقل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الاميركي ميتش ماكونل عن المستشار الألماني أولاف شولتس قوله لعدد من أعضاء مجلس الشيوخ إن خط أنابيب «نورد ستريم 2» المثير للجدل لن يتم تشغيله في حال غزت روسيا أوكرانيا.وكان شولتس أقل وضوحاً بشأن أقصى ما يمكن الوصول إليه في إطار معاقبة روسيا واكتفى في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس جو بايدن بالتأكيد على أن برلين وواشنطن «متّفقتان تماماً» على العقوبات الواجب فرضها بينما أكد بايدن بكل ثقة أن بلاده ستضع حداً وستنهي «نورد ستريم». ولدى سؤاله بشكل مباشر بشأن خط نورد ستريم 2 خلال المؤتمر الصحافي المشترك، تجنّب شولتس مراراً ذكر المشروع بالاسم كما تجنّب الإعلان صراحة عن تأييده عدم تشغيل الخط في حال غزت روسيا جارتها.وحذرت وزارة الاقتصاد الألمانية، أمس، من أن احتياطيات الغاز في البلاد انخفضت إلى مستوى «مقلق»، وأضافت أن المخزونات حالياً عند مستوى 35 إلى 36 في المئة، من قدرتها القصوى مقارنة بـ 82 في المئة في العام الماضي.وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن البيت الأبيض أقر خطة سيعمل بموجبها البنتاغون على مساعدة آلاف الأميركيين لمغادرة أوكرانيا في حال تعرضها لـ«غزو روسي».ونقلت الصحيفة أمس، عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن نحو 1700 عسكري أميركي نشروا في بولندا أخيراً سيشرعون في الأيام القليلة القادمة، بموجب خطة البنتاغون التي صادقت عليها إدارة الرئيس جو بايدن، على إقامة نقاط تفتيش ومخيمات ومنشآت مؤقتة أخرى عند الجانب البولندي من الحدود مع أوكرانيا، تمهيداً لمساعدة رعايا الولايات المتحدة الموجودين في أراضي هذا البلد.وأشار المسؤولون إلى أن هذه القوات الأميركية من غير المسموح لها بدخول أراضي أوكرانيا أو إجلاء المواطنين الأميركيين أو تسيير رحلات جوية من داخل أوكرانيا.ولفتت الصحيفة إلى أن إدارة بايدن بهذا الإجراء تحاول تجنب تكرار عملية الإجلاء الفوضوية التي شهدها مطار كابول في أغسطس الماضي على خلفية عودة حركة «طالبان» إلى سدة الحكم في أفغانستان.