أجمع المتحدثون في ندوة جمعية المحامين أن المادة 198 من قانون الجزاء الكويتي في شقها المتعلق بتجريم التشبه بالجنس الآخر تحوم حولها شبهة عدم الدستورية من وجهة نظرهم القانونية، مشيرين إلى أن المحكمة الدستورية قبلت فحص مدى دستورية هذه المادة خلال جلسة 16 الجاري.وذكر هؤلاء المتحدثون، خلال الندوة التي ناقشت المادة المذكورة مساء أمس الأول في جمعية المحامين، أن الذين تظهر عليهم حالة التشبه بالجنس الآخر مصابون باضطرابات نفسية ويحتاجون للعلاج لا العقوبة بالحبس من خلال قانون جنائي.
قال مقدم الطعن لدى المحكمة الدستورية المحامي علي العريان إن هناك أكثر من تقرير صادر من جهة رسمية، وتحديداً من الإدارة العامة للأدلة الجنائية- قسم الطب الشرعي في وزارة الداخلية، اعترف بمرض اضطراب الهوية الجنسية، علاوة على تقارير الأطباء في القطاعين الحكومي والخاص في الكويت.ولفت العريان إلى أن هناك فتاوى عديدة من المذهبين السني والشيعي اعتدَّت واعترفت باضطراب الهوية الجنسية، وقررت أنه مسوغ لإجراء عملية التحويل الجنسي، مضيفاً أن «نص المادة 198 من قانون الجزاء الكويتي غير دستوري، بسبب صياغته الفضفاضة غير المنضبطة ويخل بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، والالتزامات بالرعاية الصحية لأن هناك حالات ممن يظهر عليها التشبه بالجنس الآخر مصابون باضطرابات نفسية، ويجب على الدولة أن ترعى حالتهم الصحية لا أن تعاقبهم بالحبس».وذكر أن «المادة 198 أجري عليها تعديل في عام 2007، من خلال تجريم أي شكل من أشكال تشبه الذكر بالأنثى أو الأنثى بالذكر بأي صورة من الصور، ومنذ دخول هذا القانون حيز النفاذ بدأت وزارة الداخلية تطبيق القانون بحسب ما ارتأته الشرطة بالقبض على كل من كان متشبها بالجنس الآخر، وتصل العقوبة في هذه الجريمة إلى الحبس سنة».وأشار إلى أنه «من أوجه عدم الدستورية لنص هذه المادة مخالفة نصوص مواد الدستور 9 و10 و11 و15 و30 و32 و40»، مبيناً أن المادتين 11 و15 من الدستور تنصان على كفالة الدولة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل، كما يتم توفير لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية، وهذه المادة وضعت التزاماً على الدولة بتوفير المعونة والرعاية الصحية في حالة المرض.وبين العريان أن «المرجعيات الطبية العالمية تعتبر اضطراب الهوية الجنسية مرضاً نفسياً لا جريمة تستوجب العقاب، وبالتالي فإن التجريم خالف التزامات الدولة في رعاية المريض والرعاية الصحية».
القانون الجنائي
ومن جهته، ذكر الخبير الدستوري أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي أن مسألة «تجريم التشبه بالجنس الآخر» مرتبطة بالقانون الجنائي بشكل أكبر عن بعض القوانين، مشيرا إلى أن «الأصل بأن القوة العامة لا نستخدمها في مواجهة الناس إلا اذا كان ذلك ضرورياً، وهذه الفكرة جزء من المنهجيات القانونية»، بينما الجانب الديني يقوم على فكرة مختلفة تماما، من خلال وجود نار وعقاب.وأشار الفيلي إلى أن هناك قانوناً يجرم الفعل الفاضح بالأماكن العامة، «ونجد ذلك مصلحة مهمة للمجتمعات الإنسانية، كما ان العديد من التشريعات تتفق على تجريم الفعل الفاضح بالأماكن العامة»، مبيناً أن هناك تشبهاً ناتجاً عن حالات مرضية، بينما نجد هناك تشبهاً بقصد الاغواء وهو الذي يقع في التجريم بالفعل الفاضح، بينما التشبه بسبب العرض المرضي ينزع منه فكرة الاغواء وهو لا يستجيب الى مصلحة حقيقية بسبب إشكالية طبية تحل بعيدا عن مجالات تطبيق القانون الجنائي.وقال: «لدينا مشكلة في صناعة التشريع، إذ لم نحدد لماذا أضفنا تجريم هذا الفعل، ألذاته أم لآثاره؟»، موضحا أنه «في حال التجريم لآثاره فهو فعل فاضح في مكان عام، وينصرف له التجريم، بينما اذا كان لذاته فإن المسألة تكون طبية ومن هنا تم التدخل فيما لا يحسنه المشرع».وأضاف أنه «عندما نصنع التشريع بشكل انفعالي وخارج مبرر وجوده فإن الانفعال التشريعي ليس أمراً جيداً، إذ لا تصنع التشريعات نتيجة الانفعالات».تحرش جنسي
ومن جانبه، قال أستاذ علم النفس السريري في كلية الطب بجامعة الكويت د. نايف المطوع إن 70 في المئة من الذين يعانون الاضطراب الجنسي مخلوقون بهذا الأمر منذ ولادتهم، وليس بالضرورة أنه ناتج عن تحرش جنسي، مؤكداً أن معاقبة هؤلاء الأشخاص يعتبر ظلماً، وعليه يجب إعادة النظر في القانون.أما أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد التميمي، فأكد أن «جريمة التشبه بالجنس تعتبر من الجرائم الشكلية، وتقوم بمجرد القيام في الركن المادي ولا تحتاج الى نتيجة»، لافتا إلى أن «نص المادة 198 يشمل جميع صور التشبه بغض النظر عن القصد الجنائي، وهو نص عام ومربك نظرا لوضوح الارتباك به».وأضاف التميمي أن «النص القانوني الخاص بالتشبه غير منضبط حتى في الاستثناءات، حتى وإن تم الخروج به على قرار نص المادة 204 فلن نصل الى نتيجة منطقية لأنه يخضع في النهاية إلى تقييم اولي من قبل رجل الشرطة، ومن ثم المحكمة والتي تختلف بدورها، لأن القاضي حينها يعتبر قاضي اقتناع لا قاضي ورق».