تيش بريش معلق بالعريش
ماذا بعد حكم محكمة التمييز بسحب مئات القسائم الزراعية، التي كانت مشروعاً للأمن الغذائي، كما كانت تروج الحكومات، بينما هي في الحقيقة كانت ــــ في الأغلب ــــ أداة لمكافأة "جماعتنا وربعنا" (ربع السلطة) على ولائهم وإخلاصهم ليس للدولة بل "للحزب الحاكم"؟!ليس موضوع الكلام هنا الآثار المترتبة على تنفيذ الحكم من بطلان التوزيعات التي تمت عام 2014 وقبلها، والأضرار المادية الكبيرة التي ستصيب الكثيرين من حَسَني النية الذين اشتروا العديد من تلك القسائم من غير دراية بأسباب كيفية الحصول عليها لمن خصصت لهم بداية، فهنا القانون المدني ودعاوى التعويض التي يفترض أن يقاضوا بها من باعهم تلك القسائم تكفل لهم حقوقهم بكثير من العناء والوقت الطويل، وإنما السؤال الآن هو هل ستتم محاسبة المسؤول أو المسؤولين في ذلك الوقت من أيام الوزير العمير ومدير هيئة الزراعة حينها؟الحديث هنا عن المسؤولية الجزائية للمسؤولين الذين أشرفوا على نظام القرعة بتخصيص تلك القسائم ذلك الزمن، وهل كانت هناك محاباة لأهلهم وجماعتهم؟ وهل كانوا يتلقون تعليمات وأوامر من جهات عليا حسب قواعد المحسوبيات المتعارف عليها في إدارة أمور الفساد بدولة "إن حبتك عيني ما ضامك الدهر"؟ وهل هؤلاء المسؤولون مازالوا في أماكنهم المريحة بهيئة الزراعة أو ربما في إجازة بعد انتهاء مرسوم تعيينهم ولا أحد يمكنه زحزحتهم من كراسيهم العالية، لأن "ظهورهم مسنودة" من كبار المشيخة الكويتية؟ أم أنهم تحت المجهر الرقابي...؟ الإجابة تعرفونها، فلا تجهدوا أنفسكم.
يقال إن المسؤول عن توزيع وهبات الأراضي الزراعية في الدولة وطريقة التوزيع - ومثلها توزيع الجواخير وقبلها بعقود نهج تثمين الأراضي والاستيلاء عليها، كما كتب د. غانم النجار في مقالتيه الأخيرتين - هو الصندوق الأسود لأشخاص في السلطة كانوا ومازالوا يديرون بطريقة "اعطه صرة من بيت المال"، ولأجل ذلك يبقى المسؤول عن القرعة وتوفيرها لشركات وأشخاص محلات نوفوتيه وجزم في بلاد خل القرعى ترعى خارج نطاق المسؤولية، محمياً وفوق المحاسبة.هكذا هي دولة حكم القانون اليوم، هي تيش بريش معلق بالعريش.