شرٌّ لا بد منه
أعلم أنني لست أول من يكتب في هذا الأمر، إلا أنه موضوع يؤرقني ويؤثر على الجميع كباراً وصغاراً، فهو السبيل الأول لنشر المعلومة والإشاعة وتطرف الأديان، وبث البغضاء بين طوائف وتيارات المجتمعات، وإيقاظ الفتن وإشعال الحروب واستفزاز الشباب المتحمسين في العالم أجمع!!! إنه الهاتف الذكي الذي لا يغادر أيدينا ليلا ولا نهاراً، ونحمله في جيوبنا وحقائبنا، ويرافقنا أكثر من أبنائنا. إدمان الهاتف الذكي أمر مزعج، فهو يشغلنا طوال اليوم، أعيننا في ترقب دائم وانتظار لأي إشعارات أو تنبيهات أو مكالمات تصلنا على مدار اليوم، حتى ونحن نائمون لا نستغني عنه، فتابعه عند الاستيقاظ ثم نرجع للنوم، فهو منبه ومذكر لنا، يدخل في كل أمر يخصنا، أما برامج التواصل الاجتماعي فقد غزت حياتنا، وأصبحنا ننشر فيها كل ما يخصنا، كل حسب اهتمامه وهواياته وأعماله. ورغم كثرة سلبيات هذا الجهاز فإن فوائده كثيرة، ولكن حسب الطريقة التي نستخدمه بها، لا سيما في جائحة كورونا، فقد قربنا من أهلنا وأحبائنا بالصوت والصورة على مدار اليوم، وحتى أثناء السفر أو الحجر الصحي لمن يجلس لوحده في غرفة مغلقة، كان مفيداً جداً في هذه الفترة الحرجة، كذلك الكثير من الموظفين أدوا أعمالهم من المنزل سواء من الهاتف أو أي جهاز ذكي، وكذلك الحال مع طلبة المدارس والجامعات، ولولا هذه الأجهزة والتكنولوجيا المتقدمة بها لما استطعنا شراء حاجاتنا ونحن في المنازل، فأصبح معظم التطبيقات ومواقع التسوق والجمعيات التعاونية إلكترونيا.
فالأجهزة الإلكترونية شر لا بد منه، فهي بالنسبة إلى الصغار أكثر ضراراً خصوصاً حين أصبحت الأم تعطي طفلها الجهاز كي يهدأ ويأكل وحتى يكف عن الصراخ أو المشاغبة، وإذا لم يكن لدينا الإمكانية في التحكم فيها فستنقلب نقمة على مستقبل أبنائنا، ورغم ذلك لا نستغني عنها في زمن تتسابق فيه التكنولوجيا من كل جانب، لأن هذه الأجهزة أضافت لحياتنا الكثير من العلم والمعرفة وسهلت لنا كثيرا من متطلبات الحياة.