هناك الكثير من الوثائق التاريخية في الأرشيفات العالمية التي تتضمن معلومات كثيرة تثري التاريخ، وتسد ثغرات في تسلسل الأحداث وفهمها بشكل صحيح. اليوم سنستعرض وثيقة من هذه الوثائق، وهي وثيقة أرسلها الملك عبدالعزيز بن سعود، يرحمه الله، إلى القبطان ويليام هنري شكسبير، ثاني وكيل سياسي بريطاني في الكويت (1915-1909)، يتبادل معه الرأي حول عدة مسائل تتعلق بالجانبين.
كما أن الوثيقة توضّح متابعة الملك عبدالعزيز لتطورات الحرب العالمية الأولى. يعود تاريخ الوثيقة إلى 29 محرم سنة 1331 هـ، الموافق 8 يناير 1913 م، ويستهل فيها الملك عبدالعزيز حديثه بالسؤال عن أحداث الحرب الأولى، ويطلب معلومات عن آخر التطورات. يقول في رسالته: "صار معلوم حرب الدولة العثمانية مع دول البلقان واليونان، والآن المقابلات شديدة، والخساير بين الطرفين جسيمة، ولا عرفتوا النتيجة كيف تصير، لابد من تحقق الخساير والانتصارات بجانب من نرجو لطفاً معلوماتهم مفصلاً".ينتقل الملك عبدالعزيز بعدها إلى موضوع آخر، وهو يتعلّق بلقاء محتمل بينه وبين شكسبير، فيقول: "ذكرتم إذا أمكنت الفرصة خرجتوا إلى أطرافنا محبكم ممنون بجميع ما يسركم، ومشتاق للاجتماع بحضرتكم". ويعتبر الكثير من المهتمين بالعلاقات البريطانية - السعودية أن شكسبير، الذي قُتل في معركة جراب بالسعودية، ونُقل جثمانه إلى الكويت ودُفن بها، هو عرَّاب العلاقات السرّية بين الطرفين، وهو الذي استطاع أن يقنع حكومته بالتعامل مع الملك عبدالعزيز، الذي أسس الدولة السعودية الثالثة ووحَّدها. وحول موضوع ثالث، يقول الملك عبدالعزيز إن أحد الأجانب قدِم إلى نجد، وتسبب في بعض المشاكل، وساعده ابن سعود، ومنع عنه الأذى، حتى رحل من نجد. تقول الوثيقة: "خرج سواح يزعم أنه ينتسب للجمعية العلمية الجغرافية، وصار تشويشات وقال وقيل، وبهاذي الأيام طب فينا إنكليزي يزعم أنه عسكري سياسي صار مظهاره على بادية الشام من طريق (......) وطب القصيم، وكذلك صار تشويش من الحكومة العثمانية، وأسوأ الظنون وان لنا تداخل مع دولتكم الفخيمة ولأجل الصداقة تحملنا كل سوء ظن، وحافظنا على المذكور من القصيم إلى طرفنا، ثم إلى الحسا، ولابد عندكم خبر".وهنا يستفيد ابن سعود من هذه المسألة، ويؤكد للإنكليز أنه لم يقم بذلك إلّا لرغبته في توطيد العلاقات مع بريطانيا وكسب ودّها "ولو أنّ لنا أسباب ارتباط مع دولتكم الفخيمة كان الأمر سهل، ولا علينا من أحد وبواسطة ما أشرنا، على كل حال تعذروننا إذا لاحظنا ما يلزم ملاحظته وبذا كفاية... حرر بداعي ذلك نرجو دوام محبتكم...".في المقال المقبل، إن شاء الله، سنستعرض الرسالة الجوابية لشكسبير وما ورد فيها من معلومات.
رسالة الملك عبدالعزيز الى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت ويليام شكسبير