وضعت الخلافات المحتدمة بين روسيا والولايات المتحدة بعدة قضايا في مقدمتها الملف الأوكراني «حرية العمل» التي احتفظت بها الحكومات الإسرائيلية، على مدار السنوات الماضية، بهدف ضرب ما تصفه بـ«محاولة التموضع الإيراني في سورية»، على المحك، وسط توقعات بمواجهة تل أبيب صعوبات مع تغيير موسكو، التي تسيطر على الأجواء السورية، لتعاطيها مع الغارات الإسرائيلية ورصد قيامها بعمليات تشويش إلكتروني ضدها أخيراً.

ووجدت إسرائيل نفسها بموضع حرج، رغم متانة علاقتها بواشنطن وموسكو، إذ سيصعب عليها الاحتفاظ باستراتيجيتها التي تعتبرها «حيوية لأمنها القومي» ضد إيران وسورية، في حال غزو روسيا لأوكرانيا، وفرض الولايات المتحدة عقوبات على الكرملين.

Ad

وقال مصدر دفاعي إسرائيلي لموقع «بريكينغ ديفينس»، إن «إسرائيل تشنّ حالياً سلسلة من الضربات ضد شحنات صواريخ إيرانية الصنع في طريقها إلى لبنان، وتحتاج هذه العملية إلى تنسيق مستمر بين تل أبيب وموسكو لتجنّب إلحاق الضرر بالقوات الروسية في سورية، مما قد يتجاوز الخط الأحمر لموسكو، ويعرّض القدرة على القيام بمزيد من العمليات للخطر».

وكشف المصدر، أن اجتماعات أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى بحضور كبار صنّاع القرار في إسرائيل، بحثت أخيراً ما يُمكن أن يحدث للعمليات العسكرية في سورية في حال تغيّر العلاقات بين تل أبيب وموسكو.

ورأى غيورا إيلاند، اللواء المتقاعد والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أن «تل أبيب ستكون في موقف محرج جداً، إذا طلبت واشنطن منها المشاركة في فرض عقوبات على موسكو».

كما تتخوّف إسرائيل من خسارة الشركات الروسية التي تشتري منها معدّات تكنولوجية متطوّرة غير عسكرية.

إلهاء وخطط

وفي وقت تعتبر إسرائيل أن الأزمة الأوكرانية أصبحت «مصدراً لإلهاء الولايات المتحدة»، خصوصاً مع تواصل الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي الإيراني، أكدت مصادر دفاعية للموقع أن تل أبيب لا تخطط لمهاجمة أي مواقع نووية إيرانية مباشرة في حالة توقيع اتفاقية جديدة لإحياء صفقة 2015، بين واشنطن وطهران، لكن هناك خططاً جارية لزيادة عمليات التخريب في المواقع النووية وأجهزة الطرد المركزي في الجمهورية الإسلامية.

ورجّحت مصادر إسرائيلية، أن تبدأ عمليات التخريب الجديدة إذا تمّ التوصل إلى اتفاق جديد «يسمح لإيران بإنتاج سلاح ذري».

وأشار المصدر الدفاعي إلى أن الخطط الحالية «ستأخذ حرب الظل إلى آفاق جديدة»، رغم المخاوف الإسرائيلية من محاولة إدارة بايدن منع إسرائيل من مواصلة عملياتها غير المعلنة ضد طهران.

تحذير أميركي

في موازاة ذلك، حذّر المرشّح لمنصب القائد الأعلى للقوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال مايكل إريك كوريلا، أعضاء مجلس الشيوخ من تداعيات خطيرة على المنطقة، ولا سيما سورية، فيما لو شنّت روسيا عملية عسكرية ضد أوكرانيا.

وقال كوريلا خلال جلسة استماع للجنة الدفاع في مجلس الشيوخ بشأن ترشيحه، إن الولايات المتحدة تواجه حقبة جديدة من المنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا لا تقتصر على منطقة جغرافية واحدة، مضيفاً: «بما أن الولايات المتحدة تعطي الأولوية للمنافسة مع الصين بحق، يجب أن نظل منخرطين في الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا».

ورداً على سؤال حول احتمال حدوث تداعيات في الشرق الأوسط لغزو روسي محتمل لأوكرانيا، قال كوريلا، إنه يعتقد أنه يمكن أن يمتد إلى دمشق، إذ تمتلك موسكو بالفعل قاعدة عسكرية وقوات.

كوريلا الذي شغل سابقاً منصب نائب في القيادة الوسطى للجيش قال: «إذا غزت روسيا أوكرانيا، فلن يترددوا في أن يكونوا بمنزلة مخرّب في سورية»، مضيفاً أن واشنطن، التي تحتفظ بعدد ضئيل من القوات في شمال سورية، لا تعتقد أن موسكو تريد خوض حرب معها.

لكن مرشّح الرئيس جو بايدن لشغل منصب قائد القيادة الوسطى كان واضحاً في أن إيران لا تزال تمثل التهديد الرئيسي للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

توضيح بحريني

في غضون ذلك، عززت إسرائيل حضورها العسكري في الخليج قبالة السواحل الإيرانية. وأكدت وزارة الخارجية في مملكة البحرين أن ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام الأجنبية عن إلحاق ضابط إسرائيلي بالمنامة، يأتي في إطار ترتيبات متعلقة بتحالف دولي، يضم أكثر من 34 دولة، ويقوم بتأمين حرية الملاحة في المياه الإقليمية للمنطقة وحماية التجارة الدولية ومواجهة أعمال القرصنة والإرهاب في المنطقة.

وبينت أنه تم الاتفاق على الخطوة خلال زيارة وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس للبحرين الأسبوع الماضي، إذ اتفق الوزير على ذلك خلال اجتماع ثلاثي مع نظيره البحريني عبدالله حسن النعيمي، وقائد الأسطول الخامس الأميركي الأدميرال براد كوبر. وتشارك إسرائيل، حالياً، في تدريبات بحرية تقودها القيادة الأميركية الوسطى «سنتكوم»، بحضور ممثلين من 60 دولة في الشرق الأوسط، إلى جانب كل من دولة الإمارات، ومملكة البحرين للمرة الأولى.

رد شمخاني

في المقابل، ردّ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أمس، على تقديم أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي لمشروع قانون يهدف إلى إنشاء «بنك للوقود النووي لتلبية احتيجات بلدان الشرق الأوسط المدنية»، شرط إيقاف إيران لتخصيب اليورانيوم، بالتأكيد على مواصلة بلاده خطواتها التصعيدية لتعزيز قدراتها الذرية والدفاعية.

وقال شمخاني عبر «تويتر»، إن «تقوية القدرات النووية السلمية والقدرات الدفاعية»، من الخيارات التي «لن ترفع عن الطاولة أبداً».

وعلى وقع الحديث عن تقدم بمفاوضات فيينا رغم بعض التعقيدات، شهد إنتاج إيران النفطي في شهر يناير الماضي زيادة قدرها 21 ألف برميل يومياً، ليصل إلى أعلى مستوى خلال السنوات الثلاث الماضية، وفق تقرير صادر عن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

تحقيق برلماني بعد تسريب عن فساد بـ «الحرس»

تعهد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، محمود عباس زاده مشكيني، أمس، بأن يفتح البرلمان ولجنة الأمن القومي تحقيقا في قضية تسريب مكالمة هاتفية بين اثنين من القادة العسكريين في «الحرس الثوري» تتناول قضايا فساد داخل الجهاز العسكري.

وقال مشكيني لوكالة أنباء «إيلنا» الإيرانية، إن ظاهرة تسلل جهات أجنبية إلى أنظمة المراقبة والوصول إلى القضايا الحساسة يجب أن تؤخذ على محمل الجد، لأنها تتسبب في أن «يحل الباطل محل الحق».

وأضاف أنه استمع إلى التسريب عدة مرات، مؤكداً أن الغرض منه استخدامه كذريعة لـ«تدمير الحرس الثوري ضمن حرب نفسية».

وجاءت تصريحات مشكيني بعدما سرب موقع إذاعة «فردا» المعارض، أمس الأول، تسجيلاً صوتياً يُظهر تورط شخصيات بارزة مثل عمدة طهران السابق الرئيس الحالي للبرلمان الجنرال محمد باقر قاليباف، والقائد السابق لـ«فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني في قضايا فساد.

ويتحدث في التسجيل الصوتي المسرب الذي يمتد لنحو 50 دقيقة، قائد الحرس السابق اللواء محمد علي جعفري الذي يتولى حالياً منصب قائد مركز «بقية الله» الثقافي الاجتماعي، مع الجنرال صادق ذو القدر نيا، نائب الحرس الثوري لشؤون الاقتصاد والبناء.

وتتناول المحادثة قضية فساد تتعلق بفيلق القدس التابع للحرس وبلدية طهران برئاسة قاليباف، والجنرال جمال الدين آبرومند، ورئيس منظمة مخابرات «الحرس» حسين طائب.