أوكرانيا على حافة حرب... و3 سيناريوهات أمام بوتين
سلطات كييف تضع خطة للدفاع عن العاصمة وإجلاء سكانها والكويت ودول العالم تدعو رعاياها للمغادرة
أعلنت واشنطن أنّ روسيا قد تغزو أوكرانيا «في أيّ وقت» خلال الأيّام القليلة المقبلة، الأمر الذي دفع دول العالم وبينها الكويت إلى دعوة مواطنيها إلى مغادرة هذا البلد بسرعة. ووسط حديث عن عدة سيناريوهات للهجوم الروسي، بينها غزو كامل وصولاً إلى العاصمة كييف أو مجرد توغل محدود، حذّر البيت الأبيض من أنّ غزواً عسكرياً روسياً لأوكرانيا تتخلّله حملة غارات جوية و«هجوم خاطف» على كييف، بات «احتمالاً فعلياً جداً» خلال الأيام المقبلة حتّى قبل موعد انتهاء الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في العشرين من الجاري.وقالت وسائل إعلام أميركية إن الرئيس جو بايدن أبلغ الحلفاء الأوروبيين خلال اتصال عبر الفيديو، أمس الأول، أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين أعطى بالفعل الأوامر لشن هجوم، محددا يوم 16 الجاري موعداً للتحرك العسكري الروسي.
ورغم تأكيد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أنّ الحلفاء بلغوا «مستوى لافتاً من الوحدة» في مواجهة موسكو، أفادت صحيفة «بوليتكو» الأميركية بأن القادة الأوروبيين قالوا لبايدن إن تقييمهم للوضع مختلف. وكان لافتاً وجود تناغم أميركي - بريطاني في التحذير من الهجوم الروسي الوشيك، بينما التزمت الدول الأوروبية الأخرى الصمت. وفي حين تمسكت موسكو بنفي التخطيط لأي غزو، معتبرة أن واشنطن تسعى لاستفزازها وجرها إلى حرب لعدة اسباب، منها نسف مبادرة الضمانات الأمنية التي تطالب بها بشأن توسع حلف شمال الأطلسي «الناتو»، بدا المشهد في اوكرانيا متناقضاً وسط إصرار السلطات على الدعوة الى الهدوء، فبينما بدأت بتظاهرات ضد الحرب انتقدت موسكو، وصل التوتر إلى أشده في منطقة الدونباس في الشرق على طول خط الجبهة مع المتمردين الانفصاليين الموالين لموسكو، وسط توقعات أن تشهد المنطقة أحداثا ستكون مبرراً للحرب.
بلينكن ولافروف
وفي مؤشر إلى أن قنوات الدبلوماسية لم تغلق بعد، يجري بايدن ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصالين منفصلين مع بوتين، بينما بحث وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن مع نظيره الروسي سيرغي لافروف التطورات في «محاولة أخيرة لوقف الغزو الروسي» على حد قول الخارجية الأميركية. وشدد لافروف، في الاتصال على أن «الحملة الدعائية عن «العدوان الروسي» ضد أوكرانيا، والتي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لها غايات استفزازية، وتحرض حكومة كييف على تخريب اتفاقات مينسك واللجوء إلى محاولات ضارة لتطبيق «حل عسكري» لقضية الدونباس. من ناحيته، قال بلينكن ان طريق الدبلوماسية لايزال مفتوحا، لكنه يتطلب تخفيف التصعيد من قبل موسكو. وانتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ما وصفتها بـ«هستيريا» البيت الأبيض، وأضافت أن «الاستفزازات والمعلومات المضللة والتهديدات طريقة مفضلة لحل مشاكل المرء».وكان السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، قال إن «حالة التأهب» تنتشر عبر الولايات المتحدة بدون تقديم أي دليل لدعم هذا المزاعم. وأضاف أن البيانات التي تصدر في الولايات المتحدة شهادة على حقيقة أنها كثفت «حملتها الترويجية ضد بلادنا».أوكرانيا تدعو للهدوء
وفي كييف، دعا الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، لتقديم أدلة على صحة المزاعم عن غزو «إن وجدت»، ومع ذلك، قال زيلينسكي إن بلاده يجب أن تكون مستعدة لأي خطوات «من وراء أي حدود».واعتبرت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان «في هذه المرحلة من المهم التحلي بالهدوء وتعزيز البلاد داخليا، وتجنب التصرفات التي تزعزع استقرار الوضع وتزرع الذعر». وأعلن عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، أن سلطات العاصمة أعدت خطة لإجلاء السكان و«منع استفزازات محتملة والصمود أمام هجوم عسكري محتمل» والدفاع عن العاصمة.دعوات للمغادرة
وفي دليل على خطورة الوضع أمرت الولايات المتحدة بعض موظفي سفارتها بمغادرة أوكرانيا في الوقت الذي قال فيه مصدران، إن الولايات المتحدة قررت سحب موظفيها في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من أوكرانيا. في المقابل، قالت روسيا إنها ستبقي سفارتها مفتوحة لكنها خفضت عدد دبلوماسييها في كييف لتجنب أي استفزازات. ودعت وزارة الخارجية، أمس، المواطنين الكويتيين الراغبين في السفر لأوكرانيا إلى تأجيل سفرهم في الوقت الراهن، كما دعت، في بيان لها، المواطنين الموجودين هناك إلى المغادرة، حفاظاً على سلامتهم، والتواصل مع سفارة الكويت في كييف على هواتف الطوارئ. بدورها، أهابت سفارة الكويت في كييف، في بيان لها، بالمواطنين الكويتيين الموجودين في أوكرانيا ضرورة التواصل مع السفارة على هواتف الطوارئ.وحثت الولايات المتحدة رعاياها في أوكرانيا على مغادرة البلاد على الفور. وقالت إنها لن ترسل قوات لإجلائهم في حالة اندلاع حرب. وقالت سلسلة من الدول الأخرى، من بينها بريطانيا واليابان وأستراليا، وكندا، والمانيا، والإمارات، والسعودية، واستونيا، ولاتفيا، واليابان وكورويا الجنوبية والعراق، والدنمارك، والنرويج، ونيوزيلند إن على مواطنيها المغادرة.من جهتها، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنّها ستجلي عائلات دبلوماسييها وموظفي سفارتها في كييف بسبب «تدهور الوضع» في هذا البلد.كذلك، أعلن الاتّحاد الأوروبي، أمس الأول، أنّه أوصى الموظفين غير الأساسيين العاملين في بعثته الدبلوماسية في كييف بمغادرة أوكرانيا للعمل من بُعد خارج هذا البلد.3 سيناريوهات
وأشار تقرير لـ «مركز الجزيرة للدراسات» الى ان النهاية الأفضل للأزمة الأوكرانية، من وجهة نظر بوتين، أن يؤدي نشر القوة العسكرية الروسية إلى إقناع واشنطن وحلفائها الأوروبيين بأن روسيا جادة وقادرة على غزو أوكرانيا، وأن تتحرك بالتالي نحو الاستجابة للمطالب الروسية، ولو في حدها الأدنى على الأقل. ويلفت التقرير إلى أن موسكو التي تطالب بالحفاظ على حياد أوكرانيا وعدم ضمها لـ «الناتو»، وسحب وجود الحلف العسكري في بلغاريا ورومانيا، يمكن أن تقبل في هذه المرحلة باتفاق على وضع أوكرانيا، فحسب.ويرى التقرير أن طريقة التعامل الأميركي مع الأزمة لا توحي بأن إدارة بايدن ستقدم لموسكو أي تعهدات بخصوص علاقة أوكرانيا المستقبلية مع «الناتو». ولأن بوتين، الذي يعتقد كما يبدو أن هذه فرصة لا يمكن تفويتها، يصعب عليه التراجع بدون تحقيق أهداف روسيا الأمنية في أوكرانيا، يقول قطاع من صانعي القرار الغربي: لم يعد ثمة مفر من الحرب. ويذكر التقرير 3 سيناريوهات محتملة لكيفية تطور الأمور:سيناريو الغزو
في السيناريو الأول، يعتقد عدد من المراقبين أن الولايات المتحدة، وليس أوروبا أو تركيا، ربما تريد رؤية بوتين يقوم فعلًا بغزو أوكرانيا. إنْ تجرَّأ بوتين على اتخاذ هذه الخطوة، فلن يواجه مقاومة صلبة من الأوكرانيين فحسب، بل وستُفرض عليه، وعلى نظامه، وعلى الدولة الروسية، حزمة عقوبات غير مسبوقة، تعيد روسيا عدة عقود إلى الوراء.السيناريو الثاني أن توجه روسيا ضربة قاصمة للمقدرات العسكرية الأوكرانية، مستخدمة هذا المسوِّغ أو ذاك، بدون أن تقدم على غزو فعلي، بهدف صناعة مناخ من عدم الاستقرار، يفضي إلى إطاحة نظام الرئيس زيلينسكي في كييف، ويفتح المجال لمفاوضات روسية- أوكرانية، وروسية- غربية، حول وضع أوكرانيا وعلاقتها المستقبلية مع روسيا.المشكلة التي قد تواجه بوتين في هذه الحالة، بالطبع، أن تقوم الولايات المتحدة وحليفاتها الغربيات بفرض عقوبات على روسيا، حتى إن لم تتجاوز القوات الروسية خط الحدود مع أوكرانيا. أما الأكثر مدعاة لقلق موسكو فهو أن تسارع أوكرانيا، إن اعتُدي عليها بهذه الصورة أو تلك، إلى طلب عضوية الناتو، وأن يوافق الحلف في النهاية على ضمها.السيناريو الثالث، والأكثر أمنًا لروسيا، في المدى المنظور، على الأقل، يتلخص في تجنب غزو أوكرانيا أو الاعتداء عليها، والمحافظة على مناخ التوتر المحيط بها، في الوقت نفسه، لأطول فترة ممكنة. باعتماد سياسة الصبر والنفس الطويل، تأمل موسكو أن تفضي الضغوط على أوكرانيا إلى تغيير نظام الحكم في كييف لمصلحة التفاهم مع روسيا. ولكن هذا الخيار، غير مضمون النتائج، وباهظ التكاليف، سيواجَه هو الآخر بردود فعل غربية، يصعب مقدمًا تقديرها أو كيفية تعامل روسيا معها.