بماذا نختلف عنهم؟
ترد عبارات مثل "إرادة التغيير السياسي... فشل المؤسسات الحكومية في تطبيق القانون... غياب المؤسسات... الفساد في المؤسسات السياسية..." عدة مرات في كتاب د. يوسف خليفة يوسف "الفساد في البلاد العربية النفطية رؤية شاملة".كتاب مهم يسلّط بقعة الضوء على الكثير من قضايانا الحالية، وعجز الإدارات السياسية المتعاقبة عن الإصلاح والتحديث والتنمية المستدامة في دولنا. هناك طريقان للتغيير نحو التحديث والتنمية هما، إما أن يأتي التغيير من أعلى، أي من سلطة الحكم مثلما فعل ملك الدنمارك في القرن التاسع عشر، أو القائد لي كوان هو في سنغافورة، أو يأتي التغيير الإصلاحي تدريجياً تراكمياً لفترات تمتد إلى عدة عقود من الأسفل، أي من الناس وبرلماناتهم مثلما هو الحال في دول أوروبا الغربية بعد الثورة الصناعية والتنوير، والمثال الفذ هو بريطانيا.لكن هناك حالة مشابهة لحالنا المائل في الظروف السياسية، إلا أنها قفزت بالدولة إلى مصاف الدولة المتقدمة في التنمية والمشاركة السياسية والقضاء على الفساد، وهي جمهورية بوتسوانا، فهي دولة قبلية لكن، حسب المؤلف، القيادات القبلية فيها واعية، وتشكل قبيلة "تسووانا" أغلبية السكان، ومن هذه القبيلة أتى الزعيم الوطني "سرئيس كاما"، الذي خلق نظاماً برلمانياً خليطاً من النظامين القبلي والبرلماني، وشرع في الإصلاح.
بوتسوانا استقلت عام 1966 ، وكان معدل نموها7.7 %، أي أسرع نمواً من سنغافورة وكوريا الجنوبية في الفترة من 1965 إلى 1998 ، ورغم أنها كانت مستعمرة بريطانية وفيها درجة عالية من عدم التساوي في الدخل، وثرية في المصادر الطبيعية مثل المعادن، لكنها لم تُصَب بلعنة النفط مثل حالنا، وهي- الدولة- لم تقلص دورها في الاقتصاد، فقد لعبت دوراً كبيراً في التنمية والنفقات الحكومية يصل إلى 40 % من الناتج المحلي، وفي النهاية ارتقت بشعبها، ووضعت قدمها في المكان الصحيح، للقضاء على الفساد، وتحقيق التحديث والتنمية. السبب هو "إرادة التغيير" عند السلطة، السبب هو عزيمة السلطة الحاكمة على قلب أحوال الدولة، رغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها... ماذا عنا بالكويت... هل لدينا "إرادة التغيير من الأعلى؟"، هل حققنا أي درجة من النضج والوعي السياسي عند أغلبية المواطنين لقلع الفساد الهيكلي من جذوره؟... اسألوا أنفسكم وحزب البخاصة عل وعسى أن تجدوا إجابة للدوامة المدمرة التي نحيا بها.