نظم القانون رقم 7 لسنة 2010، بشأن إنشاء هيئة أسواق المال، وتنظيم نشاط الأوراق المالية ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما، أنظمة الاستثمار الجماعي، التي هي عبارة عن كيان يعمل في مجال توظيف أموال المستثمرين بمختلف أدوات الاستثمار، وأنظمة الاستثمار الجماعي وفقاً للقانون المذكور ولائحته التنفيذية تأخذ صورتين، الأولى: صناديق الاستثمار المختلفة التي ستكون محل مقالنا، والثانية: أنظمة الاستثمار الجماعي التعاقدي، وهناك صور أخرى لم تحددها هيئة الأسواق، وتخضع لتقدير الهيئة في اعتبارها تقع ضمن أنشطة الاستثمار الجماعي.وكانت صناديق الاستثمار المحددة ضمن اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال تقتصر على سبعة أنواع هي: صناديق الأوراق المالية، وصناديق الملكية الخاصة، وصناديق أسواق النقد، وصناديق أدوات الدين، وصناديق الملكية العقارية، والصناديق القابضة.
إلا أن تطورات الأسواق المالية لا تتوقف عند هذا الحد من أنواع الصناديق، حيث أخذت الدول بالتوسع في تحديد أنواع مختلفة لصناديق الاستثمار، بهدف العمل على جذب وتشجيع هذا النوع من الاستثمار، والذي يعد من أنظمة الاستثمار قليلة المخاطر بالنسبة للعديد من أنظمة الاستثمار الأخرى، وفي ظل مواكبة ذلك التطور أصدرت هيئة أسواق المال القرار رقم 1 لسنة 2022، والذي انطوى على تعديلات جوهرية لأنظمة الاستثمار الجماعي، واستحداث بعض صور صناديق الاستثمار.ومن أهم تلك الصور صندوق التحوط، وهو صندوق يهدف نظامه الأساسي إلى الاستثمار في الأوراق المالية والأصول الأخرى عدا الأصول العقارية، مستخدما بذلك مجموعة أدوات استثمارية عالية المخاطر، مثل التعامل في المشتقات المالية والعقود الآجلة والخيارات والرفع المالي والبيع على المكشوف وغيرها من الأدوات، وذلك بغرض تحقيق عوائد إجمالية تفوق متوسط عائد السوق.وصناديق التحوط بشكل عام من الصناديق المثيرة للجدل حول تأثيرها في الأسواق، حيث يرى البعض أنها أحد أسباب عدم استقرار الأسواق المالية، ويرى البعض الآخر أن لها دورا كبيرا في استيعاب الأزمات المالية وتنويع مصادر الاستثمار والدخل للمستثمرين.ومن مسمى الصندوق يمكن استنتاج التقنيات التي يتم استخدامها في مزاولة أنشطته، فالتحوط بشكل عام يعني الحيطة والحذر، ومن الناحية المالية يعني حماية الاستثمارات الخاصة بالصندوق، وهو ما يتطلب استخدام أكثر من تقنية في عملية الاستثمار، ومن أهم تلك التقنيات:- السحب على المكشوف: ويقصد به إعطاء أمر بيع لأصل لا يملكه حالياً في انتظار انخفاض سعره مستقبلاً.- الرفع المالي: يقصد به اقتراض الأموال من الغير لتمويل الاحتياجات الخاصة بالاستثمار.- البيع على الهامش: ويقصد به دفع جزء من الأصل المراد شراؤه من أموال المستثمر الخاصة ودفع الجزء الباقي عن طريق الاقتراض.أما صندوق رأسمال المخاطر فهو يهدف إلى الاستثمار في شركات أو مشاريع تتسم بدرجة عالية من المخاطر كالشركات، أو المشروعات الجديدة، أو الشركات المتعثرة، أو الشركات التي تهدف إلى التوسع في مجال التقنيات الحديثة أو الشركات ذات الأفكار الجديدة أو المبتكرة في التكنولوجيا.وحقيقة الأمر أن هذا النوع من الاستثمار - قبل تقنينه - كانت ممارسته تتم من قبل مجموعات من المستثمرين، فيقومون بتجميع مبلغ مالي والاستحواذ على مشروع صغير أو علامة تجارية واعدة ثم يقومون بتطويرها وبيعها بعد فترة من الزمن بأضعاف ما تم شراؤه بها، أو أن تكون هناك شركة متعثرة ويتدخل بعض المستثمرين لتمويلها والنهوض بها من عثرتها ثم بيعها بعد ذلك، وكذلك يقوم بعض المستثمرين بشراء بعض البرامج (APPLCATION) الناشئة ثم بعد تطويرها يبيعها بأسعار خيالية.ونهج هيئة أسواق المال في استحداث هذا النوع من الصناديق في حقيقته هو امتداد للتوسع بالأنشطة الاستثمارية، بعد أن أباحت الاستثمار في المشتقات المالية بموجب القرار رقم 49 لسنة 2021 بشأن التعامل في المشتقات المالية والتعميمات اللاحقة له تنظيما لهذا النوع من الاستثمار.ونظراً لأن هذين النوعين من الصناديق كلاهما يتطلب دراية عالية بأدوات الاستثمار، فضلاً عن المخاطر التي قد يتعرض لها المستثمر، فلا يتم إنشاؤها إلا من خلال صناديق خاصة، وهي صناديق تخضع لضوابط الاستثمار والاقتراض المنصوص عليها في أنظمتها الأساسية، ويتم الاكتتاب فيها من قبل العملاء المحترفين بطبيعتهم أو العملاء المحترفين المؤهلين فقط.ونعتقد أن الأمر قد يحتاج إلى مجهود أكبر من الهيئة لتبسط رقابتها على تلك الأنواع من الصناديق، فضلاً عن زيادة الحملات التوعوية بشأنها بغرض حماية المستثمرين، لاسيما في ظل انتشار الإعلانات المضللة ومجهولة المصدر على مواقع التواصل الجماعي، والتي تقدم إغراءات كبيرة لجذب المستثمرين ثم يتم الاستيلاء على أموالهم.
محليات - قصر العدل
التحوط ورأسمال المخاطر وأنظمة الاستثمار الجماعي
14-02-2022