قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن الاقتصاد الكويتي واصل انتعاشه في الربع الأخير من عام 2021، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى تحسن وتيرة الإنفاق الاستهلاكي والزيادة المطردة في إنتاج النفط، الذي تزامن مع الارتفاع الملحوظ في الأسعار، إذ تجاوز سعر مزيج خام برنت أعلى مستوياته المسجلة في سبع سنوات وصولاً إلى 86 دولاراً للبرميل في أواخر أكتوبر الماضي، قبل أن يسجل مستوى قياسياً جديداً للمرة الأولى منذ عام 2014 بوصوله إلى 90 دولاراً في أواخر يناير 2022.

وحسب التقرير، ساهمت المكاسب التي سجلتها أسعار النفط وزيادة الإنتاج في تعزيز أوضاع المالية العامة في الكويت، إذ انخفض العجز المالي خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية حتى نهاية ديسمبر الماضي إلى 2.1 في المئة من الناتج المحلي، بانخفاض كبير مقارنة بالعام السابق.

Ad

في التفاصيل، انتعشت كذلك وتيرة إسناد المشاريع، بينما تجاوزت المبيعات العقارية عام 2021 مستويات ما قبل الجائحة، على الرغم من تباطؤ وتيرتها في الربع الأخير.

وقد يؤدي تحسن أسس الاقتصاد النفطي وغير النفطي إلى تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي إلى 7 في المئة في عام 2022 مقابل نحو 1.0 في المئة "تقديري" في عام 2021.

وفي ذات الوقت، ارتفع معدل التضخم، لكنه ما يزال أقل من بعض الاقتصادات الرئيسية على مستوى العالم ومن بينها الولايات المتحدة.

كما اضطرت الكويت للتعامل مع سلالة أوميكرون المتحورة التي بدأت في التفشي منذ ديسمبر الماضي.

وحتى ذلك الحين، شهدت الكويت تراجع حالات الإصابة إلى مستويات محدودة جداً على مدار عدة أشهر بفضل التدابير الاحترازية التي تم تطبيقها منذ ظهور الجائحة، والتي تم احتواؤها بفضل تسارع وتيرة طرح برامج اللقاح.

لكن حالات الإصابة بمتحور أوميكرون بصفة رئيسية بدأت في التزايد ووصلت إلى أعلى مستوياتها بتسجيل 6913 حالة في 28 يناير.

كما زاد عدد حالات الدخول إلى المستشفيات واضطرت الحكومة إلى إعادة فرض قيود التباعد الاجتماعي وتقليل أعداد الموظفين في مقار العمل.

في المقابل، ساهمت اللقاحات في تعزيز المناعة المجتمعية إضافة إلى انخفاض المضاعفات الصحية لمتحور أوميكرون.

ورغم ارتفاع إجمالي عدد المرضى في وحدات العناية المركزة إلى مستويات الذروة حالياً ليبلغ 90 حالة، فإن ذلك الرقم يعد أقل بكثير مقارنة بمستويات منتصف يوليو البالغة 341 حالة أثناء ذروة تفشي سلالة دلتا المتحورة.

وعلى الصعيد السياسي، شهد الربع الأخير من عام 2021 اختتام الحوار الوطني برعاية أميرية، مما أثمر العفو عن العديد من المعارضين، وعودة دور الانعقاد التشريعي بعد العطلة الصيفية لمجلس الأمة، وتحركات لتشكيل حكومة جديدة، وانتشار أجواء أكثر تفاؤلا بصفة عامة.

وضمت الحكومة الجديدة، برئاسة سمو الشيخ صباح الخالد رئيس مجلس الوزراء ثلاثة نواب من أعضاء مجلس الأمة الجدد. وتنعقد الآمال أن يشهد عام 2022 تحسن العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأن تسودها أجواء من التوافق والسعي للمضي قدماً. وعلى الأرجح سيأتي الاختبار الأول لذلك التوافق قبل منتصف العام الحالي عند مناقشة قانون الدين العام الجديد ومسودة ميزانية السنة المالية 2022/2023، التي تتضمن تقليصاً للنفقات.

كما لا تزال الإصلاحات الاقتصادية والمالية الكبرى في صدارة الأولويات، حتى في وقت أدى ارتفاع أسعار النفط إلى الحد من اختناقات السيولة.

أسعار «النفط» فوق مستويات 2014

أنهت أسعار النفط عام 2021 بمكاسب تجاوزت 50 في المئة، بوصول سعر مزيج خام برنت إلى مستوى 78 دولاراً للبرميل بنهاية شهر ديسمبر، بينما تتجه لتعويض كل الخسائر الناجمة عن تفشي سلالة أوميكرون المتحورة منذ نوفمبر الماضي.

واستمر ارتفاع الأسعار مع بداية العام الجديد، إذ تجاوزت الأسعار 90 دولاراً للبرميل بنهاية يناير ووصلت لأعلى مستوياتها على مدار سبع سنوات.

كانت مكاسب النفط مدفوعة إلى حد كبير بأساسيات السوق الأكثر تشدداً، إذ تحاول "أوبك" وحلفاؤها جاهدة الوفاء بكامل تعهدها بزيادة إنتاجها الشهري بواقع 400 ألف برميل يومياً "جاء حجم الإنتاج في ديسمبر مرة أخرى أقل بنحو 600 ألف برميل يومياً عن المستويات المستهدفة".

ويأتي ذلك وسط تزايد المخاوف من عدم كفاية الطاقة الاحتياطية لـ"أوبك" وحلفائها، التي يستحوذ على معظمها عدد محدود من منتجي النفط في دول مجلس التعاون الخليجي لتغطية الطلب العالمي على النفط خصوصاً في حال قطع الإمدادات كما حدث بوتيرة سريعة ومتزايدة خلال الستة أشهر الماضية في نيجيريا وليبيا وكازاخستان وحتى الولايات المتحدة.

ومن العوامل التي أثرت على النفط أيضاً بصورة مطردة زيادة المخاطر الجيوسياسية بعد التحركات الروسية على الحدود الأوكرانية.

من جهة أخرى، يبدو أن الاقتصاد العالمي قد نجا من عاصفة أوميكرون، إذ ارتفع الطلب على النفط بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2021 ليصل إلى 99 مليون برميل يومياً "+5.5 مليون برميل يومياً على أساس سنوي في عام 2021"، ليقترب بذلك من مستويات ما قبل الجائحة، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية التي رفعت توقعاتها لنمو الطلب لعام 2022 بمقدار 200 ألف برميل يومياً إلى 3.3 ملايين برميل يومياً، لكنها تتوقع في المقابل تجاوز الإمدادات النفطية "بدعم من النفط الصخري في الولايات المتحدة" الطلب هذا العام، ما يؤدي إلى تزايد المخزون.

وبناءً على توقعات مماثلة للطلب على النفط وتوقعات زيادة معدلات إنتاج النفط من خارج "أوبك"، نتوقع تراجع أسعار النفط من المستويات الحالية لتصل في المتوسط إلى حوالي 75 دولاراً للبرميل عام 2022، لكن بالنظر إلى القفزة التي شهدتها الأسعار أخيراً، لا يمكن استبعاد تسجيل مزيد من الارتفاع.