استقرت أسعار النفط، أمس، في تعاملات متقلبة بعد أن سجلت أعلى مستوياتها منذ أكثر من سبع سنوات بفعل مخاوف من أن يؤدي غزو روسي محتمل لأوكرانيا إلى عقوبات أميركية وأوروبية، من شأنها أن تعطل الصادرات من أحد أكبر المنتجين في العالم.

وتراجع خام برنت 11 سنتاً أو 0.1 في المئة إلى 94.33 دولاراً للبرميل، بعد أن وصل إلى ذروة بلغت 96.16 دولاراً في وقت سابق في أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2014.

Ad

وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي سنتاً واحداً أو أقل من 0.1 في المئة إلى 93.11 دولاراً للبرميل، ليحوم قرب أعلى مستوياته خلال الجلسة عند 94.94 دولاراً، وهو الأفضل كذلك منذ سبتمبر 2014.

وأشاعت التصريحات الواردة من الولايات المتحدة بشأن هجوم وشيك من روسيا على أوكرانيا التوترات في أسواق المال العالمية.

وقالت واشنطن أمس، إن روسيا قد تغزو أوكرانيا في أي وقت وقد تختلق ذريعة لشن هجوم.

وقال إدوارد مويا محلل السوق لدى أواندا في مذكرة "إذا... حدث تحرك للقوات فسوف يرتفع خام برنت فوق مستوى 100 دولار (للبرميل) بكل سهولة".

وأضاف "ستظل أسعار النفط متقلبة بشدة وعرضة للتطورات المتسارعة فيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا".

تأتي حالة التوتر في وقت تواجه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها وهي مجموعة تعرف باسم أوبك+ صعوبات لزيادة الإنتاج رغم التعهدات التي تصدر شهرياً بزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً حتى مارس.

كما يراقب المستثمرون المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن المحادثات لم تصل إلى طريق مسدود رغم أن مسؤولاً أمنياً إيرانياً كبيراً قال في وقت سابق، إن التقدم في المحادثات أصبح "أكثر صعوبة".

وحث المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول مجموعة "أوبك+" لمنتجي النفط على سد فجوة بين غاياتها وأفعالها، في وقت ارتفعت أسعار النفط لأعلى مستوى فيما يزيد على سبع سنوات.

وأضاف بيرول، في كلمة خلال مؤتمر للقطاع بالقاهرة نقلها التلفزيون المصري عبر مترجم، أن تسييس أسواق الغاز في أوروبا لا يفيد أحداً. وزادت أسعار الخام العالمية فوق 96 دولاراً للبرميل أمس لتبلغ أعلى مستوياتها في سبع سنوات مدفوعة بمخاوف من غزو روسي محتمل لأوكرانيا قد يؤدي لفرض عقوبات أميركية أوروبية من شأنها تعطيل صادرات النفط والغاز إلى أسواق تعاني بالفعل من شح.

واتفقت "أوبك+"، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين حلفاء، بينهم روسيا، في وقت سابق من الشهر الجاري على التمسك بزيادات متواضعة للإمدادات في وقت تقلص فيه قيوداً على الإنتاج طبقتها في ذروة الجائحة حين انهار الطلب.

وفي الوقت الذي يواجه فيه العديد من أعضاء "أوبك+" صعوبات لزيادة الإنتاج بعد نقص الاستثمار لسنوات، لم تحقق المجموعة الزيادة الشهرية للإنتاج التي تعهدت بها بواقع 400 ألف برميل يومياً.

وقالت الوكالة في أحدث تقاريرها الشهرية، إن الفجوة بين الهدف والإنتاج الفعلي اتسعت إلى 900 ألف برميل يومياً.

والسعودية والإمارات العضوان في "أوبك" يمتلكان أكبر طاقة إنتاج فائضة.

من جانبها، قفزت العقود الآجلة للغاز في أوروبا، أمس، بنسبة 13.7 في المئة فوق مستوى 1000 دولار لكل ألف متر مكعب.

وتأثرت أسعار الغاز بما أعلنته الولايات المتحدة من أن روسيا قد تغزو أوكرانيا قريباً أو تحاول إثارة الصراع داخل حدودها.

وأظهرت التداولات أن سعر العقود الآجلة لشهر مارس في مركز TTF في هولندا ارتفع إلى مستوى 1031.8 دولاراً لكل ألف متر مكعب.

وترسل روسيا ما يقدر بنحو 230 مليون متر مكعب من الغاز إلى أوروبا كل يوم، ويذهب حوالي ثلثها غرباً عبر أوكرانيا.

وينقسم الخبراء حول ما إذا كان من المرجح أن تعطل روسيا جميع صادرات الغاز إلى أوروبا، أو تلك التي تعتمد فقط على أنابيب الغاز الأوكرانية.

وكان مسؤولون أميركيون قد أكدوا أن الحكومة تقوم بمناقشات منتظمة مع عدد من الدول والشركات في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا، حول تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، في حال أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى نقص الإمدادات.

وتواجه أوروبا خيارات صعبة ودقيقة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، إذا ما تفاقمت الأزمة الأوكرانية وأدت إلى انقطاع إمدادات الغاز الروسية.

وتستورد أوروبا كميات هائلة من الغاز الطبيعي، تتجاوز 560 مليار متر مكعب سنوياً، ثلثها تقريباً يأتي من روسيا.

وتظهر بيانات الأسابيع الماضية تراجعاً ملحوظاً لتدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا منذ منتصف ديسمبر، سواء عبر الخط الأوكراني، أو عبر خط "يامال" الذي يمر في الأراضي البولندية.

ويفسر كثيرون هذا التراجع بأنه ضغط روسي على القوى الغربية، في الملف الأوكراني، وأيضاً للتسريع بإعطاء الموافقات لتشغيل خط نورد ستريم - 2.

ويمر الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب الأربعة الكبرى من روسيا، وتشمل خط نورد ستريم، وخط الترانزيت عبر أوكرانيا، وخط يامال عبر بيلاروسيا وبولندا، وترك ستريم عبر تركيا.

وحول البدائل المتاحة أمام أوروبا في حال تصاعد التوتر مع روسيا، فإن هناك واردات غاز عبر الأنابيب من دول أخرى غير روسيا، أضخمها من النرويج، لكن لا يمكن زيادتها لأنها تضخ بالطاقة القصوى، ويوفر حالياً نحو 20 في المئة من إمدادات الغاز الأوروبية.

وفي الأسابيع الماضية، برزت أخبار عن اتصالات أميركية مع قطر للتباحث في إمكانية زيادة صادرات الغاز المسال إلى أوروبا.

لكن قطر لا توفر أكثر من 5 في المئة تقريباً من إمدادات الغاز للسوق الأوروبية، أي ما يعادل واحداً على ستة فقط من الإمدادات الروسية.

أما الغاز الأميركي فيذهب معظمه للاستهلاك المحلي، ولا يمكن مقارنته بالصادرات الروسية أيضاً، وهذا فقط القليل مما يظهر حجم الأزمة وأبعادها.

«السبع» تلوّح بعقوبات «هائلة» على الاقتصاد الروسي

أكد وزراء مالية دول مجموعة السبع، أمس، استعداد بلدانهم لفرض عقوبات اقتصادية ومالية ذات "عواقب هائلة وفورية على الاقتصاد الروسي"، خلال "مهلة قصيرة جداً"، في حال شن هجوم عسكري على أوكرانيا.

وأعلن وزراء مالية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان، في بيان، أن "أولويتنا الآنية هي دعم الجهود الرامية إلى نزع فتيل الأزمة"، لكن مجموعة الدول الكبرى السبع التي تترأسها ألمانيا هذه السنة، توعدت بأن "أي عدوان عسكري روسي جديد ضد أوكرانيا سيقابَل برد سريع وفعال".

وكانت الولايات المتحدة، قالت أمس الأول، إن روسيا قد تغزو أوكرانيا في أي وقت وتخلق ذريعة مفاجئة لشن هجوم.

وقد حذر المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي يتوجه إلى كييف اليوم وإلى موسكو لإجراء محادثات مع الرئيس فلاديمير بوتين، من فرض عقوبات إذا نفذت موسكو الغزو بالفعل.