تعاقب الرحالة العرب والأجانب على ذكر الكويت في مذكراتهم وخرائطهم منذ نشأتها كميناء في شمال الخليج، ولكن لم يتم التطرق لقصة أول خريطة بحرية كويتية تم وضعها في الكويت من الإدارة العامة لشؤون النقل البحري بوزارة المواصلات وبالتعاون مع الإدارة العامة لخفر السواحل، حيث بدأ المشروع في سنة 1983 بالمسح الهيدروغرافي من شركة تتراتك الأميركية وبإشراف مهندسين كويتيين وبريطانيين، وبالاستعانة بالخبرات الملاحية لنواخذة خفر السواحل. وانتهى المشروع بصدور أول خريطة للمياه الإقليمية الكويتية في سنة 1985، وتكمن أهمية هذا المشروع في اتباع المعايير الدولية وتطبيق اتفاقيات المنظمة البحرية الدولية (IMO) التابعة للأمم المتحدة بهدف وضع الكويت على أنظمة الملاحة الدولية لعبور سفن الشحن والبواخر والقطع البحرية بمختلف أنواعها، أما أهم مخرجات هذا المشروع فهو خريطة بحرية معتمدة دولياً تشمل مسح الأعماق ووضع الإشارات لتأمين طرق الملاحة الآمنة للسفن لمنع كل أنواع التصادم والحوادث.
في الماضي كانت الملاحة تعتمد على خبرة النواخذة والبحارة، ولكن مع توافر الأجهزة الملاحية الحديثة التي تعتمد على معلومات المسح البحري والخرائط المحدثة آلياً، أصبحت الملاحة أسهل وتجارة النقل البحري أسرع وأكبر حجماً، ففي فترة ما قبل الخمسينيات كانت الكويت لا تملك رصيفاً تستقبل فيه البواخر فكانت تستعين بالسفن الخشبية (التشاشيل) لنقل البضائع والركاب من بواخر شركة الهند الشرقية إلى الكويت، أما الآن بوجود الموانئ التي تعتمد الأنظمة الملاحية المتطورة والاتفاقيات الدولية لتنظيم حركة السفن والبواخر، أصبحت الكويت تستقبل السفن الضخمة التي تزيد على 150 طناً مما زاد حجم التبادل التجاري بين الكويت ودول العالم. فلولا مشروع الخريطة البحرية الكويتية، لما ظهرت الكويت على خريطة العالم البحرية وأجهزة الملاحة الدولية، ولما تثبتت حدود مياهها الإقليمية، فكل الشكر والتقدير لمن عملوا على مشروع أول خريطة بحرية كويتية، والشكر كذلك موصول لجميع القائمين على صيانة وتحديث الخرائط والإشارات البحرية، ومتابعة تطبيق الاتفاقيات البحرية الدولية لتسهيل حركة النقل البحري بالموانئ والمياه الإقليمية الكويتية، فالبلد بحاجة لإنشاء مركز للمسح الهيدروغرافي يقوم بتحديث الخرائط البحرية إلكترونياً على موقع المنظمة الدولية الهيدروغرافية (IHO) الذي يغذي كل الأجهزة الملاحية بمعلومات عن آخر تحديث عن الخرائط والإشارات البحرية الكويتية والتي من الممكن أن توفر عائداً مالياً مستداماً للدولة.
مقالات
بوصلة: أول خريطة بحرية كويتية
15-02-2022