في وقفة رمزية صامتة على ضريح والده في بيروت، الذي اغتيل عام 2005، وسط العاصمة اللبنانية، وبين جمهور غفير من أنصاره، جدد سعد الحريري، تمسكه بتعليق عمله السياسي وعدم المشاركة في الانتخابات المقررة في مايو، محدداً هذه الاستراحة بأربع سنوات.

حضر اللبنانيون من مختلف المناطق للوقوف إلى جانب الرجل الذي عاد إلى بيروت، أمس الأول، لإحياء الذكرى، في مشهد يهدف إلى تثبيت حضور الحريري في الصورة، وإن كان سيغيب في السياسة.

Ad

وأكد الحريري في لقاءاته، أنه أخذ استراحة محارب، لكنه لن يقفل بيت الحريري السياسي، وسيستمر تيار "المستقبل" بالعمل، وإن لم يكن مشاركاً في الانتخابات النيابية.

أجّل الحريري الكلام السياسي إلى أربع سنوات لاحقة، وأبلغ نوابه بأنه لا يمانع ترشح أحد منهم ولا ينصح أحداً منهم بالترشح، لكنه رفض زج اسمه أو اسم تياره في أي معركة سياسية أو انتخابية، حتى بعد عودته لم يجر أي نشاط سياسي باستثناء اجتماعه مع كتلة "المستقبل" النيابية لإبلاغ أعضائها بهذا الموقف، وقال نعود للكلام والتقييم بعد أربع سنوات لنتخذ القرار المناسب. لكنه في نفس الوقت لم يطلب من الناس أو النواب مقاطعة الانتخابات، إنما ترك لهم تقدير ظروفهم وأوضاعهم.

مع خروج الحريري من الصورة، يطوي لبنان صفحة كان فيها الكثير من التنوع، وبعض الأمل، لكن مضمون كلام رئيس الحكومة السابق ومواقفه توضح وكأن لديه معطيات تشير إلى أن مزيداً من الأزمات والتدهور في الطريق.

اغتيل رفيق الحريري قبل 17 عاماً، وكان الهدف اغتيال المشروع، ودفن فكرة لبنان إلى جانب الرجل، بكل ما كان يعنيه من العلاقات الدولية والعربية الواسعة.

حالياً يبدو وكأن هناك إرادة لاستكمال إجراءات دفن لبنان بتغريبه أكثر عن العرب، وانضوائه في مشاريع جهنمية بعيدة كل البعد عن فكرة وجوده، إذ تحول البلد إلى منصة للهجوم على الدول العربية والخليجية، وسط إصرار من حزب الله على إحياء مؤتمرات سياسية للمعارضات الخليجية، في تحدّ واضح لعموم اللبنانيين وكل العرب، ويريد الحزب تكريسها كفكرة بديلة عن مشروع الحريري الانفتاحي.

منير الربيع