متى تنضج التجرية الإيرانية؟
معاناة الإنسان الإيراني مؤلمة داخل إيران وخارجها، فقد يفني الشخص عمره قبل أن يحقق أي هدف، فجواز السفر الإيراني محارب ومن يتعامل مع اقتصاد إيران أو يستثمر فيها قد يتقدم خطوة لكنه ما يلبث أن يتراجع خطوات بسبب الفساد المهيمن والعملة المتراجعة.
![خليل علي حيدر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/979_1666464911.jpg)
ولم تبرز الصناعة الإيرانية حتى في مجال الأسلحة المتقدمة كالطائرات والمدرعات والصواريخ التي تستنسخ من أجلها النماذج الروسية والكورية الجنوبية، ربما بأعلى الأثمان ورغم تهديداتها المتصلة والمستمرة ضد إسرائيل فإن إيران لا تزال بعيدة عن اللحاق بإسرائيل في التطور العلمي والمخترعات وفي مستوى الجامعات والخدمات والبحوث العلمية والإلكترونيات وحتى في مستوى دخل الفرد! كان باستطاعة "الجمهورية الإسلامية" خلال هذه العقود الأربعة أن تضع خطة رصينة لتطوير بنيتها التحتية وأن تتبنى أهدافا تنموية متقدمة مسالمة وإدارة عصرية حديثة تنقلها إلى مصاف البلدان المتقدمة، غير أنها اليوم، بعد أربعين عاما ونيف منذ 1979، لا تزال حياة الإنسان الإيراني متراجعة، ورواتب المعلمين والعاملين في الحضيض، والعملة الإيرانية في تدهور متواصل. معاناة الإنسان الإيراني مؤلمة داخل إيران وحتى إذا خرج منها أو هرب، فقد يفنى عمره قبل أن يحقق أي هدف، جواز سفر الفرد الإيراني محارب ومن يتعامل مع اقتصاد إيران أو يستثمر فيها قد يتقدم خطوة لكنه ما يلبث أن يتراجع خطوات بسبب الفساد المهيمن والعملة المتراجعة، حيث كان الدولار يقارب سعره ثمانية "تومان" أيام ثورة 1979 الإسلامية المباركة، واليوم يحتاج الإيراني أن يدفع نحو ثلاثين أو أربعين ألف تومان للدولار ونحو مئة ألف تومان للدينار الكويتي وما من سيدة كويتية تذهب إلى إيران في زيارة دينية أو سياحة إلا وتتحول فورا إلى مليونيرة وربما بليونيرة بعشرة دنانير، ولولا أن إيران دولة نفطية كبرى وبلد زاخر بالإمكانات والثروات، ولولا نشاط شعبها المكافح المبتلي بنظام الولي الفقيه لعانت البلاد بؤسا كاملا محطما كبعض دول العالم الثالث الأخرى.وقد أشرنا مرارا إلى الإحصاءات التي توردها المراجع الدولية المعتمدة والتي تقول إن ناتج إيران الوطني أو ما يسمى GDP أقل من 600 بليون دولار، في دولة بترولية ذات إمكانات زراعية وصناعية ولشعب عدده 83 مليون نسمة مقابل تركيا بسكانها المماثل في العدد ولكن بلا بترول تقريبا، ورغم ذلك يزيد الدخل القومي التركي على 760 مليار دولار، وفيما يقل متوسط دخل الإيراني السنوي عن 13 ألف دولار يزيد دخل التركي على ضعف دخل الإيراني إذ يبلغ 28 ألف دولار. انظر: The Economist Poket World Figurs,2022 Editionإن تركيا ليست أفضل دول العالم ولا أكثرها رفاهية كأوروبا الغربية مثلاً، ولكن أين حال الإيرانيين وحرياتهم أو بالأصح تعاسة الإيرانيين داخل بلادهم وفي المهاجر، من حال وحريات الشعب التركي؟ وأين أنقرة وإسطنبول وأزمير ومدن وبلدات تركيا من سكان المدن الإيرانية وقمع الشرطة الدينية وعيون أجهزة البوليس السري وإجبار المثقفين على السكوت والنساء على الحجاب!لقد ابتليت تركيا لسوء الحظ ببعض علل وأمراض الإسلام السياسي التي جلبها الحزب الحاكم وتحالفاته وسياساته وكانت تركيا كذلك على وشك أن تكون في صدارة الدول المتقدمة قبل أن يدخلها الإسلام السياسي في نفق مظلم ربما برفقة إيران المعادية لدول العالم، باستثناء فنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية وغيرها.اشتكي سفير الجمهورية الإسلامية لدى دولة الكويت "د. محمد إيراني" من أن تجارة إيران مع الكويت كانت قبل جائحة كورونا نحو 600 مليون دولار سنويا ثم انخفض إلى 300 مليون، حتى وصل إلى ما دون 100 مليون دولار (القبس 2022/2/8) وكان الميزان التجاري الكويتي التركي كذلك 600 مليون دولار عام 2020 ولكن إجمالي تدفقات الاستثمار الخليجي المباشر في تركيا نحو 12 مليار دولار منذ عام 2003 وهناك 400 شركة كويتية في تركيا، والكويتي ثالث أكبر مستثمر في تركيا بعد السعودية والإمارات (الأنباء 24/ 11/ 2021) بينما العلاقات الدبلوماسية الإيرانية الخليجية إما مقطوعة أو ضعيفة دع عنك استثمار الخليجيين شركات وأفرادا في إيران إن غامر أحدهم!لا يمكن أن تكون هذه حال إيران أربعين سنة أخرى!!